نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 19″

الدكرورى يكتب عن نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 19″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى نبي الله لوط عليه السلام ” جزء 19″

ونكمل الجزء التاسع عشر مع نبي الله لوط عليه السلام، وقد اتصف قوم لوط بعدة صفات مذمومة، ومنها قطعهم السبيل، فلم يتركوا مسافرا إلا نهبوه وسرقوه، كما أنهم اتصفوا بالشذوذ الجنسي، فكانوا يأتون الرجال شهوة دون النساء، ويجاهرون في ذلك ويشجعون عليه، بل أرادوا إخراج نبي الله لوط من القرية لأنه من المتطهرين الذين يرفضون مثل هذا الفعل، وحتى عندما حضرت الملائكة إلى بيت النبي لوط كي يخبروه بأمر الله في تعذيب قومه، وأمره بالخروج من بيته، وقد كانوا على هيئة شباب حسان المظهر، أتى قومه إليه يريدون بهم الفاحشة، وقد أخبرت الملائكة نبى الله لوط بوعد الله تعالى أن ينجيه هو وأهل بيته عدا زوجته التي خانت رسالته.

ويعذب قومه بما اقترفوا، وأن عليهم الخروج من القرية في الليل وقبل طلوع الصبح، وألا ينظروا وراءهم في سيرهم، وعندما حان الموعد، خسف جبريل عليه السلام الأرض بهم بأمر من الله عز وجل، وتساقطت عليهم حجارة سجيل من السماء، وتم ذكرهم في تسع سور متفرقة في القرآن الكريم، منها سورتا العنكبوت، وسورة النمل، وقد سكن قوم لوط عليه السلام في قرية يقال لها سدوم، وهي من القرى الواقعة في منطقة البحر الميت، ومنطقة البحر الميت هي تلك المنطقة التي تقع اليوم على الحدود الفاصلة بين كل من فلسطين والأردن، في الجزء الجنوبي من منطقة بلاد الشام، وقد آمن لوط مع عمه إبراهيم واستن بسنته ولم يفارقه، فكان من الصالحين المكرمين.

بفضل من الله تعالى من به عليه، وكان لوط تابعا ومرافقا لعمه في كافة الرحلات التي قام بها إلى أن افترقا، حيث يقال أن سبب افتراقهما عن بعضهما البعض هو أن الأرض لم تكن تتسع لمواشيهما معا، فافترقا لهذا السبب، وقد أرسل الله تعالى لوطا،عليه السلام إلى القوم في سدوم، وذلك بسبب الطغيان الكبير الذي كانوا عليه، فلقد كانوا الشر بعينه، فإن ذكر الشر ذكر معه قوم لوط، فهما مترادفقان ويؤديان المعنى نفسه، والله تعالى لا يهلك أي قوم إلا بعد أن يرسل إليهم رسولا أو نبيا يبين لهم الطريق الحق الذي يتوجب عليهم أن يتبعوه، ويبين لهم الحق من الباطل، وهذا ما قد كان، فلم يدع الله تعالى لهؤلاء الأشرار حجة بإرساله لوطا إليهم، إلا أنهم عاندوا، وعتوا، واستكبروا استكبارا كعادة الكفار الجحدة.

ولم يترك قوم لوط وأهل سدوم شيئا قبيحا إلا وفعلوه، ومن أبرز صفاتهم أو سلوكياتهم أنهم كانوا يأتون الذكران، فلم يكونوا أسوياء كما باقي البشر، فالأصل أن يأتي الذكر الأنثى لتستمر الحياة، والأدهى والأمر بأنهم لم يكونوا يستتروا من فعلتهم القبيحة هذه، بل كانوا يمارسون هذا المنكر بشكل علني وأمام الناس، وهو قمة الطغيان، والجحود، والإفساد في الأرض، فهم أسوأ من مارس هذه العادة القبيحة المقززة، وأما الصفة الثانية التي كانوا يقومون بها فهي قطع الطريق وأخذ الأموال وما ليس لهم على غير وجه حق، فقد كانوا يتربصون بكل تاجر يأتي إلى منطقتهم، فيهجمون على قافلته ويأخذ كل واحد منهم شيئا مما يحمله هذا التاجر المسكين

الذي لا يبقى بذلك معه أي بضاعة ليتاجر به، فيعود مفلسا خائبا، ومن هنا فقد كان عذاب الله تعالى لهم شديدا جدا، فقد خسف الله تعالى بهم الأرض خسفا، وهذه عقوبة يستحقونها جراء ما اقترفت أياديهم، وقد استمر لوط على دعوته وجهاده، واستمر قومه على كفرهم وفسقهم حتى أذن الله تعالى بعذابهم، فهلكوا، وكان من بينهم زوجة لوط عليه السلام التي لم تتبع أمر الله تعالى فكانت من الهالكين، وقد روي أن جبريل عليه السلام قَلب قرى قوم لوط بريشة من جناحه، وقيل إن قرى قوم لوط كانت أربع أو خمس قرى، حيث قدر ساكنيها بأربعمائة ألف، حيث سمع أهل السماء نباح كلابهم وأصواتهم عند حلول العذاب بهم، فصار عاليها سافلها.