الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة عمرة القضاء ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
الرسول في غزوة عمرة القضاء ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع الرسول في غزوة عمرة القضاء، وحملوا معهم سلاحا يُقدَّر بعدة حرب، على الرغم من أنهم كانوا سيدخلون مكة بسلاح المسافر فقط، احتياطا من غدر قريش، فلما رأت قريش هذه العدة، والقوة الإسلامية، وكانوا في فترة انهزام وضعف، فزعوا، وأرسلوا وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برئاسة مكرز بن حفص، فلقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بطن يأجج بمر الظهران، فقالوا له “يا محمد، والله ما عرفناك صغيرا ولا كبيرا بالغدر، تدخل بالسلاح الحرم على قومك، وقد شرطت ألا تدخل إلا على العهد، وأنه لن يدخل الحرم غير السيوف في أغمادها؟ فأجابه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، مؤكدا على ما اتفقوا عليه “لا ندخلها إلا كذلك” وعلى الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان قد تأذى من قريش أشد الأذيّة، وكان باستطاعته أن يستغل ضعفهم، وينتقم لما فعلوه به وبالمسلمين والدعوة، إلا أنه ظل عند عهده، فالإسلام يوصي بحفظ العهود، فوضعوا السلاح خارج مكة، وبقي معه مئتا فارس، لحمايته، ودخلوا البيت لأداء مناسك العمرة بسلاح المسافر فقط، وكان العهد أن تكون مكة المكرمة خالية من قوم قريش، وظلوا فيها مدة ثلاثة أيام كاملة، وأدوا مناسك العمرة، وكان المشركون على رؤوس الجبال يشاهدونهم، وعندما فرغوا من أداء مناسك العمرة امتلأت قلوبهم فرحا، وراحة برؤية الكعبة المشرفة، والطواف بها، وهكذا كانت غزوة عمرة القضاء قد حدثت في السنة السابعة للهجرة بين قوات المسلمين وقريش، وقد قال الحاكم “تواترت الأخبار أنه لما هلَّ ذو القعدة أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم.
وألا يتخلف منهم أحد شهد الحديبية، فخرجوا إلا من استشهد، وخرج معه آخرون معتمرين، فكانت عدتهم ألفين سوى النساء والصبيان” وقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، على المدينة عُويف بن الأضبط الديلي، أو أبا رهم الغفاري، وأبو رهم هو كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري الكناني مشهور بكنيته، وهو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقد شهد معركة أحد، وقد استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرتين على المدينة مرة في عمرة القضاء ومرة في غزوة الفتح، وفى عمرة القضاء قد ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستين بدنة، وجعل عليها ناجية بن جُندب الأسلمي، وأحرم للعمرة من ذي الحُليفة، ولبى، ولبى المسلمون معه.
وخرج مستعدا بالسلاح والمقاتلة، خشية أن يقع من قريش غدر، فلما بلغ يأجج وضع الأداة كلها الحجف والمجان والنبل والرماح، وخلف عليها أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل، ودخل بسلاح الراكب فقط وهو السيوف في القرب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند الدخول راكبا على ناقته القَصواء، والقصواء هي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المفضّلة، والقصواء مأخوذة من قصا البعير والشاة وهو قطع من طرف أذنه، وأيضا معنى كلمة قصواء في اللغة، وهي الناقة التي اقصاها صاحبها عن العمل والخدمة، ولم يرسلها للمرعى وذلك لسمو مكانتها عنده ولكي تظل امام عينيه لا تغيب عنها ليرعاها، وكانت القصواء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المفضلة وذلك لقوتها وسرعتها وطبعها الأصيل.
لهذا كانت مطية الرسول صلى الله عليه وسلم، في صلح الحديبية، وعندما دخل مكة فاتحا، وطاف عليها حول الكعبة معتمرا، والقصواء كانت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع، حيث دعا متكئا عليها في عرفات، وامتطاها في مزدلفة عند المشعر الحرام وخطب عليها خطبته المهمة، التي بين فيها للناس أمور دينهم، فقد روى البخاري عن السيدة عائشة رضى الله عنها ” أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى راحلة الهجرة من أبي بكر الصديق، وهما راحلتان اشتراهما أبو بكر، فجاء بإحداهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له “فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بالثمن ” قالت السيدة عائشة رضى الله عنها فجهزناهما أحدث الجهاز”