الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 1”

عندما جاء الإذن للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمين من الله سبحانه وتعالى وهو فى المدينة المنورة بالقتال بعد أربعة عشر عاما من الصبر على أقسى صور الإذلال والملاحقة، لم يتوان الرسول صلى الله عليه وسلم، في الخروج بالمسلمين على شكل سرايا وغزوات، وذلك لتأمين حياتهم في المدينة، في مواجهة القبائل المتربصة بهم، وفي مواجهة قريش التي لا تريد أن تعترف بكيانهم الجديد، ولا أن ترفع سياطها عن المستضعفين المعتقلين لديها الممنوعين من الهجرة، ولا أن تكف عن مصادرة أموالهم، وعن ملاحقة الدولة الجديدة بصورة التآمر والتأليب والتحريض لليهود والمنافقين في المدينة، وللقبائل الأخرى في الجزيرة، ولقد كانت السرايا أشبه بالدوريات الاستطلاعية التي تسعى لفرض الهيبة وإشعار الآخرين باليقظة.

وأيضا لاستكشاف الطرق المحيطة بالمدينة، والتي يمكن أن ينفذ منها الأعداء، وعقد معاهدات السلام مع القبائل التي تقع مساكنها على هذه الطرق، فضلا عن جمع المعلومات عن هذه القبائل وصلتها بقريش، والتفاهم معها لتزويد المسلمين بالمعلومات عن تحركات أهل مكة ضد دولة الإسلام في المدينة، ومن متابعة حركة السرايا فيبدو أن السرايا التي يقل عدد أفرادها عن عشرة أفراد كان هدفها استقصاء الأخبار وجمع المعلومات، إلا إذا فرض الأعداء عليها الدفاع عن نفسها، أما السرايا الأكثر عددا فكانت سرايا مسلحة ومدربة هدفها إرهاب العدو حتى لا يفكر في غزو المدينة، وكانت على استعداد للاشتباك عند اللزوم مع جمعها للأخبار والمعلومات أيضا، وكان عدد بعض هذه السرايا يتجاوز مائتي مقاتل، وأما عن غزوة بني المصطلق.

أو غزوة المريسيع فهي غزوة قد جرت أحداثها في شهر شعبان فى السنة الخامسة من الهجرة، وأما عن بنو المصطلق فهي قبيلة عربية، هم فرع من خزاعة، والمصطلق هو جدهم، وهو جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر ماء السماء، وهى من قبيلة خزاعة، المنحدرة من أزد، وهى الأزد القحطانية وقد كانت أراضيهم على مقربة من شاطئ البحر الأحمر بين جدة ورابغ، وقد تعرض بنو المصطلق، المتحالف مع قريش مكة، لهجوم استباقي من المسلمين، حيث تلقى المسلمون خبرا بأن القبيلة كانت تتجمع ضد المسلمين تحت قيادة الحارث بن أبي ضرار، وقد قابلت قوات المسلمين بني المصطلق في معركة في مكان سقاية يدعى المريسيع وهزمتهم بصعوبة، فأخذوا عددا منهم أسرى.

ومن بين الأسرى الذين أخذهم المسلمون ابنة الحارث السيدة جويرية بنت الحارث وجويرية هذه هي أم المؤمنين التي أصبحت فيما بعد زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد تضمنت الحملة أيضا نزاعا بين المهاجرين والأنصار، وقد باغتهم النبى صلى الله عليه وسلم عند منطقة تعرف بماء المريسيع، وعندها حصل قتال غير متكافئ بين المسلمين وبني المصطلق لهول المفاجأة لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قام بالإغارة على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقي الماء فقتل مقاتلتهم وسبى نساءهم، وقد غنم المسلمون غنائم غنائم ضخمة وسبوا عددا كبيرا من نساء القبيلة، وكان من بين السبايا كان منهم جويرية بنت الحارث ابنة زعيم بني المصطلق الحارث بن ضرار، والتي أصبحت ملكة يمين عند النبى صلى الله عليه وسلم.

وأصبحت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث، وكانت متزوجة بابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر الذي قتل في هذه الغزوة، وعندما قسمت الغنائم وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة جميلة فأتت النبى صلى الله عليه وسلم، تستعينه على كتابتها فرأتها السيدة عائشة فكرهتها لملاحتها وحلاوتها وعرفت أن رسول الله سيرى منها ما رأت، وقد عاشت إلى خلافة معاوية بن أبى سفيان وتوفيت في المدينة في شهر ربيع الأول من سنة ست وخمسين من الهجرة على الأرجح وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة ودفنت بالبقيع، وكان السبب في زواجه منها أنه لما قسم عليه الصلاة والسلام السبايا، وقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، وأرادت جويرية من رسول الله أن يقضي عنها مكاتبتها.