الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 6”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع الرسول في غزوة بنى المصطلق، فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ” رواه البخاري، وهكذا فقد باءت محاولتهم الدنيئة هذه بالفشل، فلم يتمكنوا من فعل ما أرادوا، ثم سعوا إلى إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وأهل بيته، فشنوا حربا نفسية مريرة من خلال حادثة الإفك التي اختلقوها على أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولنا أن نستفيد من هذه الغزوة دروسا وعظات، نستخلصها من الحوادث المصاحبة لهذه الغزوة، وخاصة حادثة الإفك التي أظهرت خطر المنافقين وجرأتهم، حتى نالوا من عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ما ينبغي على المؤمن فعله عند سماع الشائعات من حفظ اللسان وعدم الخوض فيها، يضاف إلى ذلك الصبر، وعدم التعجل في الأمور عند الابتلاء، أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
كما برز في هذه الغزوة خلق العفو والتسامح، وتجسد ذلك في موقفه مع اليهود وخاصة مع رأس المنافقين أبي بن سلول، ومما يشار إليه في أحداث هذه الغزوة هو نزول سورة المنافقون، التي كشفت أخبار المنافقين، وأشارت إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم، وفضحت أكاذيبهم، ولقد كان لاحقا تزوج النبى صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث بنت زعيم قبيلة بنو المصطلق، وذلك بعد أن أدى عنها كتابها لثابت بن قيس بن شماس، وأما عن ثابت بن قيس بن شماس فهو صحابي من الأنصار وهو من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، المفوّه، وقد شهد معه المشاهد كلها بعد بدر، ثم شارك في حروب الردة، وقُتل في معركة اليمامة، وقد أسلم ثابت بن شماس بن قيس.
وآخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عمار بن ياسر، وكان جهير الصوت، خطيبا، بليغا، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم، له بالجنة، حيث قال عكرمة مولى ابن عباس، لما نزلت أية “يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعروت” فقال ثابت بن قيس ” أنا كنت أرفع صوتي فوق صوته، فأنا من أهل النار” فقعد في بيته، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ما أقعده، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” بل هو من أهل الجنة ” وفي عام الوفود، لما قدم وفد تميم، فتفاخر خطيبهم بأمور، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثابت بن قيس بأن يجيبه، فقام وخطب خطبة سرّت النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، وكما أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
حيث روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس” وكان ثابت بن قيس بن شماس هو الذي أتت زوجته جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول تشكوه، وتقول ” يا رسول الله لا أنا ولا ثابت بن قيس ” فقال ” أتردين عليه حديقته؟ ” قالت نعم، فاختلعت منه، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد شارك ثابت في حروب الردة، وكان قائدا للأنصار يوم اليمامة، فلما رأى انهزام الناس، قال ” أف لهؤلاء ولما يعبدون، وأف لهؤلاء ولما يصنعون، يا معشر الأنصار، خلوا سنني لعلي أصلى بحرها ساعة، فقاتل حتى قُتل، وأما غزوة بنى المصطلق فكان فى خروج النبي صلى الله عليه وسلم، لحرب بني المصطلق كان بهدف مباغتتهم قبل وصولهم إلى المسلمين، للتخلص من شرهم وعدوانهم، ووضع حد لمحاربتهم للإسلام.
ومعاداتهم للدعوة الإسلامية، وقد تحققت أهداف غزوة بني المصطلق؛ إذ تفاجأ العدو بجيش المسلمين على خلاف ما خطط له، وقد كان النصر حليف المسلمين، حيث نصرهم الله سبحانه وتعالى، على عدوهم في هذه الغزوة، وكان لغزوة بني المصطلق آثار مباركة على الدعوة الإسلامية أسهمت في إعزاز المسلمين، إذ دخل بعدها قوم بني المصطلق في الإسلام، إضافةً إلى كشف نفاق المنافقين وتقوية صفوف المسلمين، وقد حدثت بعد هذه الغزوة حادثة شهيرة وهي حادثة الإفك التي اتهمت فيها السيدة عائشة زوجة النبى صلى الله عليه وسلم بالزنا، كما زعم البعض زورا وبهتانا، مع صفوان بن المعطل، وأما عن صفوان بن المعطل بن ربيعة السلمي الذكواني، وكنيته أبو عمرو، فهو صحابي قديم الإسلام.