الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 8”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 8”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة بنى المصطلق “جزء 8”

ونكمل الجزء الثامن مع الرسول في غزوة بنى المصطلق، وقد وقع بعض المؤمنين في الأمر، واتسع نطاق الأزمة حتى شمل المسلمين كلهم، ما بين مدافع ومهاجم وما بين مبرئ ومتهم، ولم ينزل وحي في القضية إلا بعد شهر كامل حين نزل الوحي بتبرئة السيدة عائشة رضى الله عنها من التهمة الشنيعة التي أثارها المنافقون حولها، واشترك فيها بعض المؤمنين، وكانت حادثة الإفك هذا من أشد الأزمات التي مرت بالمسلمين، ليس في هذه الفترة فقط ولكن في كل فترات السيرة النبوية، وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم في نفس الشهر وهو شعبان فى السنة السادسة للهجرة سريتين هامتين جدا، وكانت أحدهما بقيادة عبد الرحمن بن عوف إلى ديار بني كلب بدُومة الجندل على مسافة ضخمة جدا من المدينة المنورة، والأخرى إلى ديار بني سعد بفدك.

والذين كانوا يعدون قوة للتعاون مع يهود خيبر لحرب المسلمين، وكانت هذه السرية الأخيرة بقيادة الإمام علي بن أبي طالب، وفي شهر رمضان بنفس السنة أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، سرية أخرى إلى بني فزارة في منطقة وادي القرى، وكان على رأسها أبو بكر الصديق أو زيد بن حارثة ، وكانت هناك امرأة تدعى أم قرفة قد أعدت فرقة من ثلاثين فارسا لاغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد واجهت السرية الإسلامية هؤلاء الفرسان الثلاثين فقتل المشركون جميعا، وأم قرفة هي فاطمة بنت ربيعة بن بدر بن عمرو الفزارية وهى من قبيلة بني فزارة، وقد تزوجت مالك بن حذيفة بن بدر، وقد ولدت له ثلاثة عشر ولدا، وقيل ثلاثون ولدا، وكان أكبرهم قرفة وبه كنيت، وكان جميع أولادها من الرؤساء في قومهم.

وكانت شاعرة من أعز العرب ممن يضرب بهم المثل في العزة والمنعة فيقال”أعز من أم قرفة” وإذا تشاجرت قبيلتها مع غطفان بعثت خمارها على رمح فيصطلحون، وكانت تؤلب الناس على الرسول صلى الله عليه وسلم، فأرسل في السنة السادسة للهجرة زيدا بن حارثة في سرية فقتلها، إذ ربط رجيلها بحبل ثم ربطهما بين بعيرين حتى شقها شقا، وكانت عجوزا كبيرة، ثم حُمل رأسها إلى المدينة ليُعلم أنها قتلت، وإن كان هناك من يضعف خبر التمثيل بها مع الإقرار بِقتلها لكونها امرأة مقاتلة للمسلمين ومرتدة، وقيل أنها قبل ذلك كانت مسلمة فارتدت في غزوة أحد، وهي والدة أم زمل المعروفة بأم قرفة الصغرى، ثم ازداد نشاط المسلمين جدا في شهر شوال فى السنة السادسة أيضا، فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم.

ثلاث سرايا خطيرة، أما الأولى فكانت إلى مجموعة من المشركين من قبائل عكل وعرينة، وكانوا أظهروا الإسلام ثم غدروا بأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقتلوا واحدا منهم وسرقوا كمية من الإبل، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، في أثرهم سرية بقيادة كرز بن جابر الفهري واستطاع الإمساك بهم وقتلهم، وتمكن من استرداد الإبل، وكرز بن جابر الفهري هو صحابي جليل، وقد أسلم بعد الهجرة النبوية الشريفة ، وقال ابن إسحاق أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في طلبه، حتى بلغ واديا يقال له سفوان ففاته كرز، وكانت هذه غزوة بدر الأولى، ثم أسلم كرز وحسن إسلامه، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الجيش الذين بعثهم في أثر العرنيين الذين قتلوا راعيه في سرية كرز بن جابر الفهري.

وقد استشهد كرز يوم فتح مكة وذلك سنة ثمان من الهجرة، وأما السرية الثانية في شهر شوال فكانت سرية بقيادة عبد الله بن رواحة وكانت مهمتها اغتيال اليُسير بن رزام، وهو أمير خيبر وهو من أكابر اليهود، وهو من الذين أخذوا يجمعون اليهود في خيبر، وفى وادي القرى لحرب المسلمين، ولم يكتف بذلك، بل بدأ يجمع غطفان من جديد لحرب المسلمين ويقوم بالدور الذي قام به قبل ذلك حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، ولكي لا تتكرر مأساة حصار المسلمين في داخل المدينة وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على التخلص من هذا الطاغية، وبذلك يجنب المسلمين ويلات أزمة ضخمة قد تحدث، فكانت هذه السرية المكونة من ثلاثين مسلم في شوال فى السنة السادسة للهجرة وقد تمكنت هذه السرية فعلا من قتل اليسير بن رزام.