السيدة حفصة بنت عمر “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن السيدة حفصة بنت عمر “جزء 1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

السيدة حفصة بنت عمر “جزء 1”
إن أم المؤمنين هو مصطلح إسلامي، وقد ورد في القرآن الكريم، والمقصود به زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى “النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم” وقد جعل الله لهن مزية عن باقي النساء فقال تعالى “يا نساء النبى لستن كأحد من النساء” وكان عدد النساء اللاتي دخل بهن النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشر امرأة أو إثنتا عشر على اختلاف أقوال العلماء في ذلك، ومنهن من تزوجهن لأسباب اجتماعية ومنهن من تزوجهن لأسباب تشريعية ومنهن من كان سبب زواجه بهن يرجع إلى أسباب سياسية، وقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جميع زوجاته إلا اثنتان توفيتا حال حياته، وقد أجمع الفقهاء على حرمة الزواج من أمهات المؤمنين.

ومعنا فى هذا المقال أم المؤمنين السيده حفصة بنت عمر بن الخطاب، وهي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمها هى زينب بنت مظعون رضي الله عنهم أجمعين، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة زوجة، وكانت السيدة حفصة الرابعة بينهن، وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وله من الزوجات السيدة سودة والسيدة عائشة رضي الله عنهن جميعا، وتعد حفصة ابنة عمر بن الخطاب، ويصل نسبها بعد ذلك إلى نفيل بن عدي بن كعب بن لؤي، وقد ولدت في مكة قبل البعثة بخمس سنوات، وهو العام الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة، ولما بلغت سن الزواج تقدم إليها خُنيس بن حُذافة السهمي فتزوجها، حتى جاء ذلك اليوم المبارك.

الذي أشرقت فيه نفوسهما بأنوار الإيمان، واستجابا لدعوة الحق والهدى، فكانا من السابقين الأولين، ولما أذن الله للمؤمنين بالهجرة، لحقت حفصة وزوجها بركاب المؤمنين المتجهة صوب المدينة ، حتى استقر بهم الحال هناك، وما هو إلا قليل حتى بدأت مرحلة المواجهة بين المؤمنين وأعدائهم، فكان خنيس من أوائل المدافعين عن حياض الدين، فقد شهد بدرا وأحدا، وأبلى فيهما بلاء حسنا، لكنه خرج منهما مثخنا بجراحات كثيرة، ولم يلبث بعدها إلا قليلا حتى فاضت روحه سنة ثلاث للهجرة، مخلفا وراءه حفصة رضي الله عنها، وشق ذلك على عمر بن الخطاب، واكتنفته مشاعر الشفقة والحزن على ابنته، فأراد أن يواسيها في مصابها، ويعوضها ذلك الحرمان، وقد ورد أنه بعد وفاة زوجها خنيس.

أن أباها عمر بن الخطاب رغب بتزويجها، فذهب إلى أبي بكر رضي الله عنهما، فعرض عليه أن يتزوّج ابنته، فأمسك أبو بكر ولم يجبه بشيء، ففهم عمر أنه غير راغب بهذه الزيجة، فذهب إلى عثمان رضي الله عنهما وقد كانت زوجته رقيّة قد توفيت قريبا، فعرض عليه ابنته حفصة، ولم يتوقع منه الرفض أو الإمهال، ولكنه طلب إليه أن يمهله أياما يفكر في الأمر ففعل، ثم ذهب إليه فوجده غير راغب كذلك، وشعر عمر رضي الله عنه، بعد الرفض من صاحبيه أبي بكر وعثمان بالاستغراب مع الاستنكار في نفسه، وهو لا يدري سبب رفضهما لابنته حفصة، فذهب يشكو ما وجد في نفسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وينظر ما رأيه في الأمر، ولم يكد يصدق ما يسمع من النبي صلى الله عليه وسلّم

عندما قال له ” يتزوج حفصة مَن هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان مَن هي خير من حفصة ” فأدرك عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، يعرض عليه ما لم يكن يتوقعه، وهو أن يشرّفه ويشرّف ابنته حفصة رضي الله عنها، أن تكون زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أمهات المؤمنين، وعندما لقي عمر أبا بكر بعد ذلك استدركه بما يشبه الاعتذار أو التبرير أنه كان قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نوى أن يخطب السيدة حفصة، ولم يكن أبو بكر يريد إفشاء سر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك السبب في الصمت وعدم الإيجاب عندما عرض عليه أن يخطب ابنته، وهكذا شرّفها الله سبحانه لتكون زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، تقتبس من أنواره، وتنهل من علمه، بما حباها الله من ذكاء وفطنة.