الدكرورى يكتب عن السيدة حفصة بنت عمر “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة حفصة بنت عمر “جزء 3”
ونكمل الجزء الثالث مع السيدة حفصة بنت عمر، وقد عُرفت أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها، بالصيام والقيام، وبالعلم ونقل الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكما عُرف عنها البلاغة والفصاحة، ولها خطبة مشهورة قالتها بعد مقتل أبيها، وقد كانت من النساء اللاتي تعلمن الكتابة على يد الصحابية الشفاء بنت عبد الله، وروت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيها بلغت ستين حديثا، منها ثلاثة متفق عليها، وانفرد مسلم بستة أحاديث، وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين، كأخيها عبد الله وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبي عبيد وحارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن صفوان والمسيِّب بن رافع وغيرهم.
وقد كانت هي وحدها من اختيرت لتحفظ في بيتها النسخة الخطيّة للقرآن الكريم، وذلك قبل أن يطلبها منها عثمان رضي الله عنه لتنسخ، فتمّ نسخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار، وتوفّيت رضي الله عنها في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا، وكانت قصة زواج النبى صلى الله عليه وسلم، من أم المؤمنين السيده حفصه بنت عمر رضى الله عنهما، هو أنه لما تأيمت السيدة حفصة رضي الله عنها ذكرها عمر لأبي بكر رضي الله عنهما وعرضها عليه فسكت أبو بكر ولم ينطق بكلمة، فغضب من ذلك عمر، ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عثمان ما أريد أن أتزوج اليوم، فانطلق عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فشكا إليه عثمان وأخبره بعرضه حفصة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة ” فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقي أبو بكر عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال له لا تجد عليّ في نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها لتزوجتها، وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها سنة اثنتين أو ثلاث من الهجرة، ثم طلقها، ولما طلقها نزل عليه الوحي يقول راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وأنها زوجتك في الجنة فراجعها، وأم المؤمنين حفصه بنت عمر رضى الله عنهما، قيل أنه قد نزل فيها القرآن ثلاث مرات.
وكانت إحداها حينما اشتكت نساء النبي صلى الله عليه وسلم، من ضيق النفقة، وتكلمن معه في ذلك وقت كان أبو بكر وعمر دخول على النبي صلى الله عليه وسلم، فهم كل منهما بضرب وتأنيب ابنته لولا أن نهاهما النبي صلى الله عليه وسلم، عن ذلك، فنزل الوحي بتخيير نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأما المره الثانية، فكانت كما ذكر الشوكاني في فتح القدير أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد أصاب جاريته مارية القبطية أم ولده إبراهيم في غرفة زوجته حفصة، فغضبت حفصة وقالت يا رسول الله لقد جئت إليَّ بشيء ما جئته إلى أحد من أزواجك، في يومي وفي دوري وعلى فراشي، فقال صلى الله عليه وسلم ” ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها أبدا؟” فقالت حفصة بلى.
فحرمها النبي صلى الله عليه وسلم، على نفسه، وقال لها ” لا تذكري ذلك لأحد” فذكرته لعائشة، فكان ذلك سببا لتطليق النبي صلى الله عليه وسلم، لها، فنزل قوله تعالى ” يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم، وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير، إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير” فكفّر النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وأصاب مارية، فردها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن جاءه جبريل قائلا له ” راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك فى الجنة” .