مشروعية صيام التطوع “جزء 1”

الدكرورى يكتب عن مشروعية صيام التطوع “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مشروعية صيام التطوع “جزء 1

إن صيام التطوع من أعظم شعب الإيمان، وأجل خصال التعبد، ولذا تظافرت أدلة الكتاب والسنة في الحث عليه، ومدح أهله، وعدتهم بالأجر العظيم والثواب الكريم، وإن من رحمة الله سبحانه وتعالى، بعباده أن شرع لهم مع كل فريضة نافلة من جنسها لتكون جابرة لما قد يكون وقع فيها من خلل، ومتممة لما قد يكون فيها من نقص، ومن ذلك الصيام، فقد شرع الله عز وجل، بعد فرضه نوافل متنوعة، ومن حكمة مشروعية النوافل أيضا أن الله سبحانه وتعالى، ينوع لعباده العبادات لتسهل عليهم، وليغتنموا الفرص للتقرب إليه سبحانه وتعالى، بما يناسبهم ويسهل عليهم، ومن ذلك ما شرعه من أنواع الصيام المختلفة في أيام السنة، ولقد جعل الله عز وجل، مع كل فريضة افترضها على عباده نافلة من جنسها لتكون جابرة لما يحصل فيها من النقص والخلل، وهذه من رحمة الله تعالى، بعباده لعلمه بضعفهم.

وما يعتريهم من النقص، وإن من أفضل نوافل العبادات وأحبها إلى الله عز وجل، هى عبادة الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من صام يوما فى سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا” رواه البخاري ومسلم، وإن أفضل صيام التطوع هو صيام نبى الله داود عليه السلام، فكان يصوم يوما ويفطر يوما، وبه نصح النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، الصحابى عبد الله بن عمرو بن العاص حينما بلغه أنه يصوم الدهر، فنصحه بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقال عبد الله ” إني أطيق أكثر من ذلك، فزاده، فقال إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال به حتى قال له ” صم أفضل الصيام عند الله صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ” فقال عبد الله إني أطيق أفضل من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا أفضل من ذلك “.

ويمكن تعريف الصوم فى اللغة بأنه الإمساك عن أي فعل أو قول كان، وأما فى الشرع فيعرف الصوم بالإمساك عن المفطرات، مثل الأكل والشرب والجماع، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وللصوم آداب وسنن ينبغي المحافظة عليها، كالحرص على السحور وتأخيره، لما في ذلك من مخالفة لأهل الكتاب، وتعجيل الإفطار، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ” بالإضافة إلى ترك الرفث، والابتعاد عن جميع المحرمات، كالغيبة، والنميمة، والكذب وفحش القول، وترك الصخب والتزام السكينة وضبط النفس، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا أصبح أحدكم يوما صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله، فليقل إني صائم، إني صائم ” ومن الجدير بالذكر أن للصيام فضلا عظيما.

فقد خص الله سبحانه وتعالى به نفسه، وجعل جزاء الصائمين بلا حساب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي “كل عمل إبن آدم له إلا الصيام، فهو لى وأنا أجزى به، إنما يترك طعامه وشرابه من أجلى فصيامه له وأنا أجزى به، كل حسنه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فهو لى وأنا أجزى به” وأما عن التطوع فهو لغة مصدر للفعل تطوع، وهو بمعنى تبرع به، وزاد على ما يجب عليه، ويقال تطوع الرجل، أي تكلف الطاعة، وتطوع الشخص، أي تقدم إلى عمل ما مختارا، وهو في الفقه اسم لما شرع زيادة على الفرض والواجبات، ويقال تطوع أي تنفل، يمعنى أنه أدى العبادة طائعا مختارا دون أَن تكون فرضا لله عز وجل، وصوم التطوع هو صوم النفل فيما دون الفريضة، إذ يؤدى هذا الصوم في غير شهر رمضان.

وهو يختلف عن صوم الكفارة، أو النذر، أو صوم قضاء رمضان، وصوم التطوع أو صوم النفل هو ما يشرع فعله من غير إلزام، أو هو ما ليس بواجب، فهو بمعنى المستحب، سواء كان مقيدا أو مطلقا، ويسمى أيضا صوم النفل، ويشمل أنواعا متعددة، والصوم الذي اقتضى الشرع فعله أو ما يطلب في الشرع فعله نوعان باعتبار أن ما اقتضى الشرع فعله إما على جهة الإلزام، وإما لا على جهة الإلزام، فما كان على جهة الإلزام أي الفرضية وهو صوم شهر رمضان، وما كان لا على جهة الإلزام فهو صوم النفل أو التطوع، والنافلة غير الفريضة، ويسمى النفل تطوعا وهو فعل الطاعة التي ليست مفروضة، ويشرع النفل في الإسلام لتحصيل المزيد من الثواب، ورفعا للدرجات، وجبرا لما قد يحصل في الفريضة من خلل، وصوم النفل إما مطلق أو مقيد.