العبادلة في الإسلام ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن العبادلة في الإسلام ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكــــروى

العبادلة في الإسلام ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع العبادلة في الإسلام، وأيضا الصحابى عبدالله بن حذافة السهمي، وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، في بعض السرايا حامل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم الى كسرى ملك الفرس وله قصة في تخليص نفسه واصحابه من اسرى المسلمين الذين وقعوا في ايدي الروم في عهد عمربن الخطاب، وكان نهايتها انه قبل رأس ملك الروم مقابل ان يخلي سبيل جميع اسرى المسلمين، ولما علم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بالقصة قام وقبل رأس عبدالله، ويكفي أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، شرفا أنهم مذكورون في الكتب المنزلة على الرسل، فذكروا في التوراة والإنجيل بأجلّ وصف، وأرفع ذكر، وذُكروا فى الكتاب المبين القرآن الكريم، في آخر سورة الفتح، وهم رضي الله عنهم، أهل الفتح، إذ فتح الله سبحانه وتعالى بهم قلوب الخلق للإيمان والهدى.

وفتح بهم الأمصار والبلدان فحكمت بشريعة الله تعالى، ولقد مُثلوا في الإنجيل بالزرع المنتشر القوي، وتأملوا نفع الزرع للأرض وللحيوان وللبشر وتعرفوا نفع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين للأرض ومن عليها، وأما عن قصة عبد الله بن حذافه، مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يبعث طائفة من أصحابه بكتب إلى ملوك الأعاجم يدعهم فيها إلى الإسلام، وقد انتدب النبي صلى الله عليه وسلم، ستة من الصحابة ليحملوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم، وكان أحد هؤلاء الستة هو عبد الله بن حذافة السهمي، فقد اختير لحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى كسرى ملك الفرس، وقد جهز عبد الله بن حذافة راحلته، وودع صاحبته وولده، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد وتحطه الوهاد.

وحيدا فريدا ليس معه إلا الله، حتى بلغ ديار فارس، فاستأذن بالدخول على ملكه، وأخطر الحاشية بالرسالة التي يحملها له، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين، ودعا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه، ودخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس مرتديا شملته الرقيقة، ومرتديا عباءته الصفيقة، وعليه بساطة الأعراب، لكنه كان عالي الهامة، مشدود القامة تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان، فما إن رآه كسرى مقبلا حتى أومأ إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أدفعه لك يدا بيد وأنا لا أخالف أمرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كسرى لرجاله اتركوه يدنو مني، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده.

ثم دعا كسرى كاتبا عربيا من أهل الحيرة وأمره أن يفض الكتاب بين يديه، وأن يقرأه عليه فإذا فيه “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى ” فما أن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشتعلت نار الغضب في صدره، فاحمرّ وجهه، وانتفخت أوداجه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بنفسه، فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح أيكتب لي بهذا، وهو عبدي؟ ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج، فخرج عبد الله بن حذافة من مجلس كسرى وهو لا يدري ما يفعل الله له، أيُقتل أم يُترك حرا طليقا؟ لكنه ما لبث أن قال والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أن أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركب راحلته وانطلق.

ولما سكت عن كسرى الغضب، أمر بأن يدخل عليه عبد الله فلم يوجد، فلما قدم عبد الله على النبي الله صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال “مزّق الله ملكه” وأيضا الصحابى عبدالله بن رواحة الخزرجي، وكان شاعر مشهور وكان هو احد النقباء وقد شهد ليلة العقبة وشهد بدرا وما بعدها واستشهد بمؤتة وكان احد أمرائها الثلاثة وكان يحب الجهاد حتى قيل انه كان اول خارج للغزو وآخر قافل منه وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ” رحم الله ابن رواحة انه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة ” وأيضا الصحابى عبدالله بن سعد بن ابي السرح، وقد شهد فتح مصر واختط بها وكان صاحب الميمنة مع عمرو بن العاص في فتحها وامره عثمان عليها وهو الذي افتتح افريقية.