الدكرورى يكتب عن ضوابط بناء الأسرة ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ضوابط بناء الأسرة ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع ضوابط بناء الأسرة، ولكل أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، حيث تؤثر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر فيها، فإن صلحت صلح المجتمع ككل وإن فسدت فسد المجتمع ككل، وكما تعتبر الأسرة وحدة اقتصادية، واجتماعية، ونفسية، لما توفره لأفرادها من مستلزمات الحياة اليومية واحتياجاتها، يمكن اعتبار الأسرة وحدة إحصائية أي يمكن اتخاذها أساسا لإجراء الإحصاءات المتعلقة بعدد السكان ومستوى المعيشة والنظام الطبقي، ويمكن اتخاذها كذلك كعينة للدراسة والبحث وعمل المتوسطات الإحصائية وذلك للوقوف على المشكلات الأسرية ورسم المخططات المثمرة للقضاء عليها، حيث تشكل الأسرة وسطا لتحقيق غرائز الإنسان ودوافعه الطبيعية والاجتماعية.
ولقد حرص الإسلام على غرس مبدأ التقدير والاحترام، للآباء والأمهات والقيام برعايتهم وطاعة أمرهم إلى الممات فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة الإسراء “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما او كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما” فالأسرة القوية تكون مجتمع قوي والأسرة الهاشة تكون مجتمع هش وضعيف يسهل القضاء عليه، وسبحان الله العظيم من آلائه ان جعل للناس من أنفسهم أزواجا ليسكنوا إليها وجعل بينهم مودة ورحمة، ولقد جاءت رسالة الإسلام بالخير والهدى وأقامت في المجتمع بناء تقوم أواصره على البر والإحسان و المودة والتقى، ولقد اعتنى الإسلام عناية عظمى ببناء الأسرة وصونها من أي سهام توجه إليها، ذلكم أن الأسرة قاعدة المجتمع، ومدرسة الأجيال.
وسبيل العفة وصون للشهوة، والطريق المشروع لإيجاد البنين والأحفاد وانتشار الأنساب والأصهار فبالزواج المشروع تنشأ الأسرة الكريمة وتنشأ معها المودة والرحمة، ويتوفر السكن واللباس، إنها آية من آيات الله يذكرنا القرآن بها ويدعونا للتفكر في آثارها وما ينشأ عنها فيقول تعالى فى سورة اروم ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون” وهي وما يتفرغ منها نعمة ومنة ينبغي أن نشكر الله تعالى عليها فسبحانه القائل فى سورة النحل ” والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون” وكانت الأسرة قبل الإسلام تقوم على التعسف والظلم، فكان الشأن كله للرجال فقط أو بمعنى أصح الذكور.
وكانت المرأة أو البنت مظلومة ومهانة، ومن أمثلة ذلك أنه لو مات الرجل وخلف زوجة، كان يحق لولده من غيرها أن يتزوجها وأن يتحكم بها، أو أن يمنعها من الزواج، وكان الذكور الرجال فقط هم الذين يرثون وأما النساء أو الصغار فلا نصيب لهم، وكانت النظرة إلى المرأة أما كانت أو بنتا أو أختا نظرة عار وخزي لأنها كانت يمكن أن تسبى فتجلب لأهلها الخزي والعار فلذلك كان الرجل يئد ابنته وهي طفلة رضيعة كما قال تعالى فى سورة النحل ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون” وكانت الأسرة بمفهومها الأكبر وهى القبيلة، تقوم على أساس النصرة لبعضها البعض ولو في الظلم إلى غير ذلك فلما جاء الإسلام محا هذا كله وأرسى العدل.
وأعطى كل ذي حق حقه حتى الطفل الرضيع، وحتى السقط من احترامه وتقديره والصلاة عليه، والناظر إلى الأسرة في الغرب اليوم يجد أسرا مفككة ومهلهلة فالوالدان لا يستطيعان أن يحكما على أولادهما لا فكريا ولا خلقيا فالابن يحق له أن يذهب أين شاء أو أن يفعل ما يشاء وكذلك البنت يحق لها أن تجلس مع من تشاء وأن تنام مع من تشاء باسم الحرية وإعطاء الحقوق وبالتالي ما النتيجة؟ أسر مفككة، أطفال ولدوا من غير زواج، وآباء وأمهات لا راعي لهم ولا حسيب وكما قال بعض العقلاء إذا أردت أن تعرف حقيقة هؤلاء القوم فاذهب إلى السجون وإلى المستشفيات وإلى دور المسنين والعجزة، فالأبناء لا يعرفون آباءهم إلا في الأعياد والمناسبات، والشاهد أن الأسرة محطمة عند غير المسلمين، ولما جاء الإسلام حرص أشد الحرص على إرساء وتثبيت الأسرة والمحافظة عليها مما يؤذيها.