ضوابط بناء الأسرة ” جزء 4″ 

الدكرورى يكتب عن ضوابط بناء الأسرة ” جزء 4″ 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ضوابط بناء الأسرة ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع ضوابط بناء الأسرة، من حيث تنشئة جيل جديد من الأطفال الصغار لديهم ثقة بالنفس تجاه كافة الأفعال الصحيحة لديهم، والقدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسئولية، وإن من دور الأسرة وتأثيرها هو تكوين عادات وقيم كل المجتمع من حيث تنشئة جيل جديد من الأطفال الصغار لديهم ثقة بالنفس تجاه كافة الأفعال الصحيحة لديهم، والقدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسئولية، فينشأ جيل قوي يثق بنفسه نشأ داخل أسرة سوية، وأيضا استماع وتقبل الرأي الآخر للأطفال بما لا يتعارض مع المبادئ وقيم العقيدة الإسلامية الصحيحة لنا وترك مساحة من الحرية لهم يختارون فيها الأشياء المسموحة التي تزيد من قدرتهم على الاختيار الصحيح في كثير من المواقف، مثلا يمكننا أن نتيح لأطفالنا اختيار بعض قطع الملابس التي يفضلنها.

كما يمكنا السماح لهم باختيار الألوان التي يرغبون في ارتدائها، أو اختيار الحذاء المحبب إليه، وفي سن اكبر اختيار نوع الكتاب الذي يريده عرض اكثر من قصة عليه وسؤاله إيهما يفضل قراءتها، وأيضا مدح الطفل بمزيد من الكلمات الجميلة المحببة إليه عند القيام بالمواقف الجيدة وتنفيذ القيم والأخلاق الحميدة حتى يقبل الطفل على فعل المزيد من هذه الأفعال وتزيد من قدرته وثقته بنفسه، وكذلك الصبر في عملية تربية الأطفال من الأمور الهامة العظيمة في تربية الأطفال، إذ أنها من أدق وأصعب الأدوار التي يقوم بها الأب والأم، وعدم التمادي في عقاب الأطفال واستخدام العقاب المغلظ الذي يزرع القسوة في قلوبهم الصغيرة ويمحو مشاعر الحب والرحمة الذي يجب أن تكون موجودة بين الأب والأم وأطفالهم بصفة عامة في كافة المواقف.

وإن عقد الزوجية في الإسلام أكبر من النزوات العاطفية، وأجل من ضغط الميل الحيواني المسعور، ولا يليق أن تعصف به الأمزجة الطارئة، فيتخلى الزوج عن زوجته لمجرد خلق كرهه منها، أو ناحية من نواحي الجمال افتقدها فيها، فعساه أن يجد أخلاقا أخرى يرضاها، ولن يعدم نوعا من الجمال يتوفر فيها، وإلى هذا يرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو ينهى عن استدامة البغض الكلي للمرأة ويقول “لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقا رضي منها آخر” والمعنى هو أنه لا يبغضها بغضا بغضا كليا يحمله على فراقها، بل يغفر سيئتها لحسنتها، ويتغاضى عما يكره لما يحب، فإذا كان هذا منطق الشرع، فمنطق العقل يقول إن الواقع يشهد بالعواقب الحميدة لأسر تجاوزت الخلافات في بداية حياتها، وتغلبت على المكاره والمصاعب أول نشأتها.

ويقول تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا” ويقول تعالى أيضا “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” ويقول تعالى أيضا ” وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” وإن في المسلم الحق من المروءة والنبل والتجمل والاحتمال وسعة الصدر، وسمو الخلق ما يجعله يرتفع في تعامله مع زوجته التي يكرهها بعيدا عن نزوات البهيمة وطمع التاجر، وتفاهة الفارغ، وإذا كانت المودة أحد دعائم الزوجية وسببا كبيرا لبقائها، فإن الرحمة هي الأخرى دعامة مهمة لبقاء الزوجين وارتباطهما، حتى وإن عدم الحب أو قلت المودة، هكذا يوجه القرآن ويدعو للتفكر فيقول تعالى ” وجعل بينكم مودة ورحمة” وقال المفسرون إن الرجل يمسك المرأة لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك، فيقول تعالى فى سورة الروم ” إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون”

وإذا كانت العشرة بالمعروف بين الزوجين من دعائم بناء الأسرة، فإن الإيمان بالله قمة المعروف وعمل الصالحات سبيل للوفاق بين الزوجين، فالإيمان وعمل الصالحات يشيعان في البيوت السكينة، وبهما تتحقق السعادة ويتطلع الزوجان بهما إلى منازل الآخرة، وتتوجه الهمم عندهما إلى رضوان الله والجنة، وهاكم نموذجا لهذين الزوجين يترحم عليهما صلى الله عليه وسلم قال “رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء” وينبغي أن تستمر جذوة الإيمان، ولباس التقوى بين الزوجين حتى وإن وقع الطلاق وحصل الفراق، فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، فيقول الله عز وجل ” فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف “