الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، فهناك أولويات، فهذان يريدان خادما، وفي المسلمين من أهل الصفوة من لا يجد طعاما، فقال صلى الله عليه وسلم ” والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم” ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك في نهار اليوم، وإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم في مسائه وليله يأتي إليهما، ويطرق عليهما بابهما، وقد دخلا في كسائهما، وعليهما غطاء إن غطيا الرأس بدت الأقدام، وإن غطيا الأقدام بدا الرأس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأرادا أن يقوما فقال “مكانكما، ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ فقالا بلى يا رسول الله، فقال كلمات علمنيهن جبريل تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين،
واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا ثلاثا وثلاثين، فذلك خير لكما من خادم” فقال علي بن أبى طالب رضى الله عنه فما تركتها منذ سمعتها، فقال ابن الكواء ولا ليلة صفين؟ قال ولا ليلة صفين يا أهل الطرق، أي يا أهل الفتن، وقد قيل عن السيدة فاطمة الزهراء بالذرية الحبيبة، فقد قضت حكمة الله عز وجل أن ينقطع نسل بنات النبي صلى الله عليه وسلم الأخريات، وألا يبقى أبناؤهن، فلم يبق نسل متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، ونعلم كيف كان النبي يحب الحسن والحسين، وكيف كان يحني ظهره فيرتحله الحسن والحسين فيقول “نعم الراكبان أنتما، ونعم الجمل جملكما” وعندما جاء الحسن والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب في المسجد فعثر في مرطه نزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره وأخذه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعو الحسن والحسين إلا بابني، وكانا يدعوانه “يا أبتي” فالسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها أبقت لنبي الله صلى الله عليه وسلم، بفضل الله عز وجل من يقول له أب، ومن يقول هو لهم أبناؤه، وقد ذكر ابن عبد البر، عن ابن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال، قال الإمام علي لأمه السيدة فاطمة بنت أسد، اكفي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخدمة خارجا وسقاية الماء والحطب، وتكفيك العمل في البيت والعجن والخبز والطحن، وكانت هذه صورة من صور بر الأم ورحمة الزوجة وألفة الأسرة الواحدة بعيدا عن الخصومات والنزاعات والمكائد التي تحفل بها كثير من البيوت من خلال ما يتسرب إلينا من الأفكار الدخيلة، التي تضج منها البيوت اليوم.
ولقد كانت للسيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها خصوصية قد حظيت بها رضي الله عنها وأرضاها؟ فلقد كان لها كنية فريدة، وليس المقصود الكنية وإنما معناها، فكنيتها التي ذكرها الذهبي وابن حجر وغيرهما من العلماء هي أم أبيها، ولا أعرف أحدا من النساء كنيتها أم أبيها، فهي ابنته ولكنها تكنى بأنها أم أبيها، فلم كان ذلك كذلك؟ لأسباب كثيرة
فالسيدة فاطمة رضي الله عنها أصغر بناته، وكان بعض بناته قد تزوجن، فبنتاه الأوليان كانتا متزوجتين من ابني أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجا بهما في الجاهلية قبل الإسلام، وزينب مزوجة من أبي العاص بن الربيع ، فلم يبقى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا فاطمة، فكانت تشهد ما يلقى النبي صلى الله عليه وسلم من الأذى والصد والإعراض من قريش، وكانت معه صلى الله عليه وسلم في هذه المواقف.
وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن قد دخل بالسيدة عائشة رضى الله عنها فمن كان يخدمه؟ ومن كان في بيته يقوم بشأنه؟ ومن كان يعد طعامه؟ ومن كان يهيئ له أحواله؟ فإنها ابنته أم أبيها رضي الله عنها وأرضاها، ولذلك كانت قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفت بهذه الكنية الفريدة، وإن المرأة اليوم من أدنى عارض تجزع وتصيح وتتراجع ولا تكاد تحتمل شيئا، أما السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها فهذه محطات من الابتلاء مرت فيها بنجاح منقطع النظير، فكانت السيدة فاطمة الزهراء صابرة رضي الله عنها صبرا عظيما يدلنا على ما ينبغي أن تتحلى به النساء المؤمنات من الصبر والاحتمال فيما يتعرضن له في طاعة الله سبحانه وتعالى والثبات على هذا الدين، لا أن يكون ذلك برقة وضعف وخور كما نرى.