الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، ثم بعد ذلك كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حصار الشعب الظلوم، عاشت ثلاث سنوات من أشد وأقسى السنوات التي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته والمسلمين الذين معه، حتى أكلوا ورق الشجر، وحتى قرحت أشداقهم، ولقد روى سعد رضي الله عنه أنه ذهب يتبول قال، فإذا أنا أسمع قعقعة فأخذتها فإذا هي شن أي يعني قطعة من جلد، فأخذتها فغسلتها فدققتها فسففتها فكانت قوتي أياما، هكذا كانوا وكانت فاطمة البنت الرقيقة الصغيرة الفتية في عمرها، وإذا كان قد تزوج بها الإمام علي وهي بنت خمس عشرة سنة في المدينة فكم كان عمرها إذ ذاك؟ فكانت صغيرة رضي الله عنها وأرضاها، فصبرت واحتملت ومرت بهذه الظروف العصيبة وشظف العيش وشدته تتأسى بأبيها.
صلى الله عليه وسلم، ثم من بعد ذلك كان فقد الأم العظيمة في عام سماه أهل السير عام الحزن، فقد كان من أشد ما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم أن فقد زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها الحبيبة إلى قلبه المواسية له المؤازرة والمساندة له صلى الله عليه وسلم وكان ذلك عظيما على أصغر البنات التي لم تكن تزوجت بعد وهي السيدة فاطمة رضي الله عنها، فصبرت واحتسبت ومضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من بعد كانت هناك محطة رابعة في معاناة الهجرة الحزينة، فيوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصحب معه بناته، ثم من بعد أرسل أبا رافع مولاه فأخذ زينب وفاطمة رضي الله عنهما، فلحق بهم الحويرث الأشقى فنخز بعيرهما وآذاهما فسقطتا من عليه وقد وهت أجسادهما، وكانتا ضعيفتين، وهذا هو الذي أعلن النبي صلى الله عليه وسلم.
عنه، وعن نفر معه يوم فتح مكة أن يقتلوا ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة، وذلك لما فعل هذا الشقي ببنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضت هذه الفتاة في ريعان شبابها تحتمل كل هذه الصعاب بإيمان عظيم وصبر جليل واحتساب للأجر عند الله سبحانه وتعالى، ومواصلة على الطريق دون جزع ولا تراجع ولا تضعضع ولا ضعف بحال من الأحوال، وعن السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها قالت ” أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت” رواه الترمذي، وفي رواية حذيفة عند الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “هذا ملك نزل من السماء لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي وأن يبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة” الترمذي وحسنه.
وعند أبي داود والترمذي من حديث مسور بن مخرمة في قصة الإمام علي بن أبي طالب حين خطب بنت أبي جهل يريد أن يتزوجها على فاطمة، قال فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال “إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها” ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، ثم قال وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا” وفي الرواية الأخرى قال صلى الله عليه وسلم “فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها فقد أغضبني، يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها” وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وفاطمة سيدة نسائهم إلا ما كان من مريم بنت عمران”
ولقد كان موت الأخوة والأخوات، فإخوانها جميعا ماتوا إبراهيم والقاسم أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أخواتها واحدة إثر الأخرى وهي تشيع وتدفن رضي الله عنها وأرضاها، والحزن يملأ قلبها فينصب على يقينها وإيمانها، فإذا بها ترضى بقضاء الله وقدره، لكن ذلك أمره عظيم، وقد ورد في بعض الروايات أنها شهدت غزوة أحد، وكان لها شيء من المشاركة، ورأت ما رأت مما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم شج رأسه ودميت قدماه ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه، وقال صلى الله عليه وسلم “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” ثم كان المصاب الأعظم الذي لم تتماسك بعده حتى أدركتها منيتها وحانت وفاتها، ذلك الحدث هو فقد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يوم قالت فاطمة رضي الله عنها عندما زارت النبي صلى الله عليه وسلم واكرباه.