الدكروري يكتب عن السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد، فقال صلى الله عليه وسلم “لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة” ثم لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم قالت واكرب أبتاه، إلى جبريل ننعاه، جنة الخلد مأواه، ثم لما دفن قالت لأنس بن مالك كما في الصحيح “كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟” وفي بعض الروايات أنها ما رئيت مبتسمة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت ” كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يغادر منهن واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رحب بها وقال مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن يساره، ثم سارها أي أسر إليها كلاما، فبكت رضي الله عنها ثم سارها مرة أخرى فضحكت.
فقالت السيدة عائشة خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين؟ ما قال لك؟ قالت ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لها عائشة عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت أما الآن فنعم، أما حين سارني المرة الأولى فأخبرني أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة وأنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإنه نعم السلف أنا لك، قالت فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني ثانية فقال يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ قالت فضحكت ضحكي الذي رأيت” وفي رواية في لفظ آخر “لما رآها استبشر وتهلل.
فسارها فبكت ثم ضحكت، فقالت عائشة ما رأيت كاليوم أقرب فرحا من بكاء، ثم سألتها” وفي رواية ثالثة أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت إن كنت لأرى هذه وتعني فاطمة لأعقل نسائنا فإذا هي امرأة من النساء، أي أنها كانت تظنها ذات جلد، فلما رأتها تضحك وتبكي قالت هذه امرأة من النساء ليس عندها شيء مختلف، فلما علمت بذلك عرفت” وفي رواية أخري ” فبكيت، فقال أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة وأنك أول أهلي لحوقا بي؟ فضحكت” وهذا عند البخاري ومسلم، وقد روى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في شأن قصة إرادة الإمام علي بن أبى طالب خطبة بنت أبي جهل ” إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنها بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها”
قال الترمذي حديث حسن صحيح، وإن هناك بعض الأوهام التي أخذها بعض الناس مآخذ تبعد عن فهم حقيقة إيمان الصحابة وفضيلتهم رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن ذلك ما هو مشهور في الحديث الصحيح عند البخاري أن السيدة عائشة رضى الله عنها روت أن السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيها سألت أبا بكر ميراثها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا نورث، ما تركنا صدقة” فغضبت فاطمة وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، والحديث عند البخاري في الصحيح، وقد أورده بألفاظ مختلفة كثيرة، وبعض الناس أخذوا هذا مآخذ شتى، وجعلوا ذلك خصومة بين أبي بكر رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها، وبين عائشة رضي الله عنها.
وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وما فقهوا فقه الإيمان، وما عرفوا كيف كان أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن قد عرفنا ما روت السيدة عائشة في فضائل فاطمة وما كانت تلمحه وتدركه من شبهها برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته لها صلى الله عليه وسلم، وأما هذا فقد ذكر العلماء فيه بإيجاز أنه أخذ فيه أبو بكر بسنة وحكم النبي صلى الله عليه وسلم، وأن السيدة فاطمة كانت متأولة، فقد كانت تظن أن هذا الحديث لا يدخل فيما أفاء الله عليه من الأراضي كأرض فدك وخيبر وغيرها، ولم يكن من فاطمة رضي الله عنها إلا ما كان من حزنها على أبيها، فإنها لم تمتنع عن أبي بكر فحسب، بل كانت بعيدة عن الناس وعن مؤانستهم بسبب حزنها الشديد على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كانت أول أهله لحوقا به كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.