الدكرورى يتكلم عن أبي موسي الأشعري ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
أبي موسي الأشعري ” جزء 1″
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، هو عبد الله بن قيس بن سليم، ويرجع نسبه إلى قبيلة الأشعريين القحطانية في اليمن، وأبوموسى عبدالله بن قيس الأشعرى، الذى رفع الإسلام شأنه، ولأن الإسلام يرفع من شأنه، حتى أنه لم تنقل لنا الكتب شيئا عن أيامه الأولى قبل دخوله فى الإسلام، إنما بدأت حياته الحقيقية فى الظهور بعد إسلامه لا قبل ذلك، فهو واحد من أبرز قراء القرآن الكريم فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى استخدم صوته الندىّ فى إبراز جمال الآيات القرآنية وإعجازها، فكأن صوته نفحة سماوية باهرة ملأت أسماع الصحابة، مع محافظته التامة على الحرف القرآنى وإخراجه من مخرجه الصحيح، فلا يشتبه بحرف آخر، ولا يحدث إخلال بأحكام التلاوة والتجويد، وقد جاء أبو موسى الأشعري إلى مكة قبل البعثة، ثم أسلم في مكة ورجع إلى أهله في اليمن.
ثم بعد عودته إلى اليمن خرج منها ومعه خمسون رجلا من أهله، ولما ركبوا البحر جرفهم الموج إلى الحبشة فالتقوا في الحبشة بالمسلمين المهاجرين إلى الحبشة، ورجعوا معهم إلى المدينة المنورة ووصلوا إليها يوم فتح خيبر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “بل لكم الهجرة مرتين هجرتكم إلى الحبشة، وهجرتكم إلى المدينة” وقد استعمل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما على اليمن، وبعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، شارك أبو موسى في فتح بلاد الشام، ثم تولى ولاية البصرة في عهد خلافة عمر بن الخطاب، وقد أوكل إليه عمر مهمة فتح الأهواز وأصفهان ففتحهما سنة ثلاثة وعشرون من الهجرة وشارك أيضا في فتح تستر والرها وسميساط، وبعد مقتل عمر بن الخطاب واستلام عثمان بن عفان خلافة المسلمين.
عزل عثمان بن عفان أبا موسى الأشعري من ولاية البصرة وعين مكانه عبد الله بن عامر بن كريز، فانتقل أبو موسى إلى مدينة الكوفة، ثم استعمله عثمان بن عفان على الكوفة بعد أن عزل سعيد بن العاص، وعندما انتقلت الخلافة إلى الإمام علي بن أبي طالب عزل علي أبا موسى من ولاية الكوفة، ولما اشتعلت الفتنة الكبرى كان من المحكمين بين الأطراف المتنازعة في موقعة صفين، وقد اختلف المؤرخون في وقت وفاته، فقيل توفي أبو موسى سنة اثنتين وخمسين من الهجرة وقيل اثنتين وأربعين وقيل أربع وأربعين من الهجرة، وكان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه من حفظة القرآن الكريم، وقد أوتي صوتا حسنا في ترتيل كتاب الله تعالى، فعن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت “سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى.
فقال “لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود” وقال أبو عثمان النهدي “ما سمعت مزمارا ولا طنبورا ولا صنجا أحسن من صوت أبي موسى الأشعري، وإنه كان ليصلي بنا فنود أنه قرأ البقرة، من حسن صوته” وفي فترة ولايته للبصرة كان أبو موسى يقرأ القرآن على أهلها ويعلمهم الفقه في الدين، فقال عنه الحسن بن علي بن أبي طالب “ما أتاها راكب خير لأهلها منه” وفي عهد الإمام عليّ بن أبي طالب اشتعلت الفتنة الكبرى، عندما وقعت معركة صفين بسبب مطالبة معاوية للقصاص من قتلة “عثمان ابن عفان” بين جيش بلاد الشام الذي كان معاوية وليا عليها، وجيش بلاد العراق وكان عليّ بن أبي طالب واليا على العراق والحجاز، وحينها اعتزلت طائفة من المسلمين الفتنة والقتال، وحدثت مقتلة كبيرة، قتل فيها عدد كبير من المسلمين والصحابة.
وقتها رفع أهل الشام المصاحف على أسنة السيوف والرماح، ثم تراضوا بعد مكاتبات ومراجعات على التحكيم ومن هنا ارتبط اسم أبوموسى الأشعري بقضية التحكيم، واتفق الفريقان على أن يحكم كل من الأميرين “علي” و”معاوية” رجلا من جهته ثم يتفق الحكمان على ما فيه المصلحة للمسلمين، فكان أبوموسى من جهة الإمام عليّ بن أبى طالب، وكان عمرو بن العاص من جهة معاوية بن أبى سفيان، وما شاع عنه فى قضية التحكيم من كون عمرو بن العاص قد غافل أبا موسى وغدر به باطلا لا أساس له من الصحة، فقد قالوا إنهما لما اجتمع وتفاوضا، اتفقا على أن يخلعا الرجلين ويرد الأمر إلى كبار الصحابة، فقال عمرو لأبي موسى أسبق بالقول فتقدم فقال إني نظرت فخلعت عليا عن الأمر، وينظر المسلمون لأنفسهم، كما خلعت سيفي هذا من عنقي أو من عاتقي وأخرجه من عنقه فوضعه في الأرض.