الإمام مالك بن أنس ” جزء 3″ 

الدكرورى يتكلم عن الإمام مالك بن أنس ” جزء 3″ 

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

الإمام مالك بن أنس ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام مالك بن أنس، وهو مالك بن أنس بن مالك وأبوه هو أنس بن مالك أحد رواة الحديث، أمّا جدّه مالك فهو من كبار التابعين، وقد كان جدّه من أفاضل الناس وعلمائهم في عصره، وكان ممّن يكتبون المصاحف عندما جمع عثمان المصاحف، وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان بن عفان إلى قبره ليلا، وغسّلوه، ودفنوه بعد مقتله رحمهم الله جميعا ورضي عنهم، أمّا أمّه فاسمها العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزديّة ووُلد الإمام مالك بن أنس في خلافة سليمان بن عبد الملك، في المدينة المنورة، في منطقة ذي المروة تحديدا، وكان مولده بعد أن انتقل جده أو أبو جده من اليمن إلى الحجاز، وكانوا ينتمون إلى ذي أصبح من اليمن.

وقد اختلف العلماء في مولده، ولكن الأشهر عندهم أنه وُلد سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، وهو قول يحيى بن بكير وللإمام مالك من الأولاد أربعة، هم يحيى، ومحمد، وحماد، وفاطمة أم أبيها أو أم البنين والإمام مالك رحمه الله من أسرة فيها الأب والجد وأب الجد جامعون لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تلهّى الإمام مالك في مطلع حياته بتربية الحمام، فاستنهضه والده لطلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ولعل نقطة التحول في حياته كانت عندما عرض والده عليه وعلى أخيه مسألة فأصاب أخوه، وأخطأ هو، فقال له والده ألهتك الحمام عن طلب العلم، فغضب مالك لذلك، وانقطع إلى ابن هرمز يطلب منه العلم سبع سنين، ثم انتقل يطلب العلم على يد ربيعة الرأي.

وقيل إنه بدأ بطلب العلم عند ربيعة الرأي حيث كانت أمه توصيه بأن يذهب إليه ليتعلم من أدبه قبل علمه وكان الإمام مالك حريصا على تلقي العلم من العلماء الكبار، وقد منحه الله سبحانه وتعالى مواهب تعينه على طلب العلم أهمها الحفظ والفهم، في وقت ساء فيه حفظ الناس فقد كان رحمه الله يذهب إلى سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم، وحميد، وغيرهم، يسمع من كل واحد منهم نحو خمسين حديثا إلى مائة، ثم ينصرف وقد حفظها من غير أن يخلط بينها، ولم يعتمد على ضبط صدره فقط فيما يرويه، بل اعتمد على الكتابة أيضا، فقد رُوي عنه أنه قال كتبت بيدي نحو مائة ألف حديث ولم يقتصر الإمام مالك على علمي الحديث والفقه، فقد برع في القرآن الكريم، وتفسيره.

وتجويده وقراءته، وكان خبيرا في علم الكلام، وعلم الفلك فله كتاب يبحث في علم النجوم، وحساب الزمان، ومنازل القمر، وكان كذلك أديبا وكاتبا ولغويا ومبدأ الإمام مالك في الفقه هو ذاته مبدأ أهل الحجاز، وقد بنى مذهبه على نص القرآن الكريم، وظاهره، وعمومه، ومفهومي المخالفة والموافقة، والتنبيه على العلة، وعلى السنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاستحسان، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، وسد الذرائع، أما فيما يخص مراعاة الخلاف فقد كان الإمام مالك يراعيه مرة ولا يراعيه في الأخرى، وكل تلك الأمور من أصول مذهب الإمام مالك التي قام عليها فقهه وتلقى الإمام مالك رحمه الله العلم على أيدي عدد كبير من العلماء.

ومنهم إبراهيم بن أبي عبلة، وإبراهيم بن عقبة، وأبو بكر بن نافع، وأبو عبيد الله مولى ابن أزهر، وأبو عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأبو بكر بن عمر العمري، وإسماعيل بن أبي حكيم، وإسماعيل بن محمد بن ثابت، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي، وزياد بن أبي زياد، وزياد بن سعد ، وزيد بن أبي أنيسة، وزيد بن أسلم، وأبو ليلى الأنصاري، وزيد بن رباح، والسائب بن يزيد.