حذيفة بن اليمان العبسي “جزء 4”

الدكرورى يكتب عن حذيفة بن اليمان العبسي “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع حذيفة بن اليمان العبسي، وعن بلال العبسي، عن حذيفة بن اليمان أن الناس تفرقوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة الأحزاب فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأتاني رسول الله وأنا جاث من البرد، وقال “يا ابن اليمان، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب، فانظر إلى حالهم” قلت يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياء منك من البرد، قال “فابرز الحرَّة وبرد الصبح، انطلق يابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليَّ” فانطلق حذيفة إلى معسكرهم وعرف أخبارهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم يصلي، فلما فرغ صلى الله عليه وسلم، من صلاته قال “ابن اليمان اقعد، ما الخبر؟”

 

قلت يا رسول الله، تفرق الناس عن أبي سفيان فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صب الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنا نرجو من الله ما لا يرجو، وقد شارك حذيفة، بكل المعارك والغزوات التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم، عدا معركة بدر, حيث كان قد سافر خارج المدينة آنذاك فوقع أسيرا في يد كفار قريش، وعند استجوابه أعلمه بأنه في طريقه إلى المدينة ولا علاقة له بمحمد وجماعته وعاهدهم بعدم مقاتلتهم، وحصل أن تركه الكفار فشد الرحيل مسرعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مخبرا إياه عن ما حصل وبأن الكفار يتأهبون للغزو، ولم يسمح له النبي صلى الله عليه وسلم، بالمشاركة في المعركة إيفاء بالعهد مع المشركين.

 

وقد شهد حذيفة أحدا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلىعليه وسلم، وقد شهد فتح العراق والشام، وشهد اليرموك فى السنة الثلاثة عشرة من الهجره وبلاد الجزيرة فى السنة السابعة عشرة من الهجره، وقد شهد فتوحات فارس، وكان في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفا، فقد اختار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لقيادة الجيوش المسلمة النعمان بن مقرن، ثم كتب إلى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة، وأرسل عمر بن الخطاب للمقاتلين كتابه يقول “إذا اجتمع المسلمون، فليكن كل أمير على جيشه، وليكن أمير الجيوش جميعا النعمان بن مقرن، فإذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة، فإذا استشهد فجرير بن عبد الله”

 

وهكذا استمر يختار قوّاد المعركة حتى سمى منهم سبعة، والتقى الجيشان ونشب قتال قوي، وسقط القائد النعمان رضى الله عنه شهيدا، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليا، وأوصى بألاَ يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة، ودعا نعيم بن مقرن فجعله مكان أخيه النعمان تكريما له، ثم هجم على الفرس صائحا “الله أكبر، صدق وعده، الله أكبر، نصر جنده” ثم نادى المسلمين قائلا “يا أتباع محمد، ها هي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم، فلا تطيلوا عليها الانتظار” وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس، وكان فتح همدان والريّ والدينور على يده، وشهد فتح الجزيرة ونزل ،نصيبين، وتزوّج فيها.

 

وكان من فضل حذيفة بن اليمان أن قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “ما من نبي قبلي إلا قد أعطي سبعة نجباء رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر، سبعة من قريش، عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر وأبو بكر وعمر، وسبعة من المهاجرين، عبد الله بن مسعود وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال” رضوان الله عليهم، وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لأصحابه، “تمنوا” فتمنوا ملء البيت الذي كانوا فيه مالا وجواهر يُنفقونها في سبيل الله، فقال عمر “لكني أتمنى رجالا مثل أبي عبيدة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، فأستعملهم في طاعة الله تعالى” وكان لحذيفة بن اليمان رضى الله عنه أقوال بليغة كثيرة.