الدكرورى يكتب عن حكيم بن جبلة العبدى ” جزء 3″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
ونكمل الجزؤ الثالث مع حكيم بن جبلة العبدى، وسار كعب بن سور إلى أهل المدينة يسألهم، فلما قدمها اجتمع الناس إليه، وكان يوم جمعة، فقام وقال يا أهل المدينة، أنا رسول أهل البصرة، نسألكم هل أكره طلحة والزبير على بيعة ،الإمام علي بن أبى طالب، أم أتياها طائعين؟ فلم يجبه أحد إلا أسامة بن زيد فإنه قام وقال إنهما بايعا وهما مكرهان، فأمر به تمام بن العباس فواثبه سهل بن حنيف والناس وثار صهيب وأبو أيوب في عدة، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم محمد بن مسلمة حين خافوا أن يقتل أسامة فقالوا اللهم نعم، فتركوه، وأخذ صهيب أسامة بيده إلى منزله وقال له أما وسعك ما وسعنا من السكوت؟ قال ما كنت أظن أن الأمر كما أرى.
فرجع كعب وبلغ علي بن أبى طالب رضى الله عنه، الخبر، فكتب إلى عثمان بن حنيف يعجزه وقال والله ما أكرها على فرقة ولقد أكرها على جماعة وفضل، فإن كان يريدان الخلع فلا عذر لهما، وإن كانا يريدان غير ذلك نظرنا ونظروا، فقدم الكتاب على عثمان، وقدم كعب بن سور، فأرسلوا إلى عثمان بن حنيف ليخرج، فاحتج بالكتاب وقال هذا أمر آخر غير ما كنا فيه، فجمع طلحة والزبير الرجال في ليلة مظلمة ذات رياح ومطر ثم قصدا المسجد فوافقا صلاة العشاء، وكانوا يؤخرونها، فأبطأ عثمان بن حنيف، فقدما عبد الرحمن بن عتاب، فشهر الزط والسيابجة السلاح ثم وضعوه فيهم، فأقبلوا عليهم فاقتتلوا في المسجد فقتلوا، وهم أربعون رجلا.
فأدخلا الرجال على عثمان فأخرجوه إليهما فلما وصل إليهما توطؤوه وما بقيت في وجهه شعرة، فاستعظما ذلك وأرسلا إلى السيدة عائشة يعلمانها الخبر، فأرسلت إليهما أن خلوا سبيله وقيل لما أخذ عثمان أرسله إلى السيدة عائشة يستشيرونها في أمره، فقالت اقتلوه، فقالت لها امرأة نشدتك الله في عثمان وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لهم احبسوه فقال لهم مجاشع بن مسعود اضربوه وانتفوا لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه، فضربوه أربعين سوطا ونتفوا لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه ثم أطلقوه وجعلوا على بيت المال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقد قيل في إخراج عثمان رأى آخر، وذلك أن السيده عائشة وطلحة والزبير لما قدموا البصرة.
كتبت السيدة عائشة إلى زيد بن صوحان، أنه من عائشة أم المؤمنين حبيبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم فانصرنا، فإن لم تفعل فخذل الناس عن على، فكتب إليها أما بعد فأنا ابنك الخالص، لئن اعتزلت ورجعت إلى بيتك وإلا فأنا أول من نابذك، وقال زيد رحم الله أم المؤمنين، أمرت أن تلزم بيتها وأمرنا أن نقاتل، فتركت ما أمرت به وأمرتنا به وصنعت ما أمرنا به ونهتنا عنه، وكان على البصرة عند قدومها عثمان بن حنيف فقال لهم ما نقمتم على صاحبكم؟ فقالوا لم نره أولى بها منا وقد صنع ما صنع، قال فإن الرجل أمرني فأكتب إليه فأعلمه ما جئتم به على أن أصلي أنا بالناس حتى يأتينا كتابه.
وهكذا فعند ذكر وقعة الجمل ان أصحاب الجمل قتلوا حكيم بن جبلة العبدي وكان من سادات عبد القيس ومن زهاد ربيعة ونساكها وقال أبو مخنف كان حكيم شجاعا مذكورا وقيل أنه أدرك حكيم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يوجد له عنه رواية ولا خبر يدل على سماعه منه صلى الله عليه وسلم ولا رؤية وكان رجلا صالحا له دين مطاعا في قومه، وقد ذكر ابن الأثير في الكامل ان طلحة والزبير لما قدما البصرة مع عائشة قبل قدوم علي وتوافقوا مع عثمان بن حنيف وأصحابه أقبل حكيم بن جبلة وقد خرج وهو على الخيل فانشب القتال وأسرع أصحاب السيدة عائشة، كافون إلا ما دافعوا عن أنفسهم وحكيم يذمر خيله ويركبهم بها ويقول ضربا دراكا أنها قريش.