ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد؛ المسلمين في خطبة الجمعة اليوم، بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه، وتجنب مساخطه ومناهيه، والمسارعة إلى ما يحبه ويرضاه.
«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وقال بن حميد، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام، إن الحياة الأسرية من أوثق العلاقات الإنسانية، وأرفعها شأنًا، ولها في الدين مقام كريم، وهي في شرع الله ميثاق غليظ، وضلك لقوله تعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾.
«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وأضاف إمام وخطيب المسجد الحرام: يقول الله -عز وجل- في محكم تنزيله: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾، وهذا توجيه كريم، وقاعدة عظيمة، وحكمة سامقة باسقة، تجري في مواطن أشمل وأعم من السياق الذي نزلت فيه، وهو معالجة الحالات بعد الطلاق، كما أنه توجيه لمَن جمعتهم هذا العلاقة العظيمة، وهذا الميثاق الغليظ، وتذكير لهم بألا ينسوا مع مرور الزمن، وتقدم العمر، وكثرة العيال، وتعاظم المسؤوليات، ولا ينسوا الفضل الذي بناه حسن العشرة، وجميل المودة، ورداء الرحمة، ولطيف المعاملة منذ الأيام الأولى، كما أن نسيان الفضل يعني التفكك، والتجافي، والشقاق، والتباعد عن الأخلاق الكريمة، والشيم النبيلة، وحفظ الفضل هو الذي يحافظ على تماسك الأسرة، ويحفظها من المواقف الطارئة، واللحظات العصبية.
ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وأشار بن حميد إلى أن العلاقات الإنسانية والعلاقات الأسرية لا تقاس بمواقف اللحظات العابرة، ولا بالأحوال الطارئة، ولكنها تقاس بالتراكمات المتتابعة، والأحداث المتوالية؛ كونها علاقات ممتدة، لا ينسيها حادث عابر، ولا ينسفها موقفٌ طارئ، فيما أن الحياة بتقلباتها، وأحوالها تحتاج إلى أن يسودَ فيها روح الفضل، وتذكر فيها جوانب الخير والمعروف، فليس من العقل ولا من الحكمة، ولا من المروءة أن تهدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة.
ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن في ثورة الغضب يختلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، وكأن الزوجيْن ما عاشا سنوات من المودة، وحسن العشرة، وكأنهما لا يجمعهما بيت واحد، وكل هذا يصبح بين عشية وضحاها سرابًا هباءً، فلا الزوج يذكر الحسنات، ولا الزوجة تذكر المعروف، ولذلك نسيان الفضل سلوك شائن؛ إن انتشر في المجتمع أفسده، وإن فشا في الناس فرقهم، ونسيان الفضل من ضعف الإيمان.
ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وحذر بن حميد الأزواج والزوجات على الصعيد ذاته من الدعوات المغرضة التي تحرّض الزوجين على التمرد والتنمر، والتي تنفخ في النقائص والسلبيات التي هي من طبع البشر، والتي لا يسلم منها أحد؛ كائنًا مَن كان، كما أن العلاقة الزوجية لا تبنى على المشاحنة والمشاحة، والصدام والخصام، ورفعِ الصوت والتشكي، والتلاوم، لكنها تبنى على مكارم الأخلاق والتغافل، والصبر والتحمل، والتدقيق في تفاصيل الحياة الأسرية ينغص الحياة، ويكدر العشرة، ويجعل المجالس مُرة، والمعيشة نكدة.
ماذا قال خطيب الحرم المكي عن الطلاق؟..«ليس من المروءة هدم سنوات مودة في ساعة غضب عابرة»
وتابع: «الزموا حفظ كرامة البيوت، وصون العلاقة الزوجية، والتلطف والتماس أسباب الرضا، واحذروا التجسس والتحسس، وتتبع الأخطاء وتلمس المعايب، واعلموا أن الاعتراف بالفضل يجمع القلوب، والفجور في الخصومة يمزق العلاقات، وإذا بدرت بوادر الخلاف فتذكروا المحاسن، وتغافلوا عن النقائص، ولا تنسوا الفضل بينكم، وأقرب الزوجين للتقوى، هو الذي يعفو ويسامح، ولا ينسى الفضل، ولا ينسى مودة أهله، وحسن عشرتهم، والتغافل يطفئ الشرور، فالزواج رابطة، وعقد، ومودة، ورحمة، وليس انفلاتًا وضياعًا، وحرية زائفة، وبناء العلاقة الزوجية على الفضل والإحسان، وليس على المحاسبة، والمشاحة والتقصي والاستقصاء، بل اجعلوا للفضل موضعًا، ويسروا ولا تعسروا، تسامحوا ولا تدققوا، والتغافل لا يحسنه إلا الراغبون في السعادة، وكثرة العتاب تفرق الأصحاب؛ فالعشرة بالمعروف هي النظر إلى المحاسن والاحتفاء بها، والتغاضي عن المساوئ وسترها».