نبي الله داود عليه السلام ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن نبي الله داود عليه السلام ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع نبي الله داود عليه السلام، فإن القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد، وتربية وتقويم، يقود الخلق إلى الخالق، ويحذرهم سبل المفاسد والبوائق, والمتدبرون له هم الذين يستفيدون من هدايته وعظاته، فتدبر القرآن غاية من غايات إنزاله، فقال الله تعالى فى سورة ص ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ” إلا وإن من وسائل هداية القرآن الكريم هو ذكر القصص عن الأفراد والجماعات والأمم، ومن ذلك، قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مع أقوامهم المسلمين والكافرين, وقد تميزت القصة القرآنية بأنها قصة حقيقية لا مكذوبة، وأنها واقعية لا متخيلة، وأن المذكور منها هو جانب العظة والعبرة، ولذلك نجد القصة القرآنية لا تتسم بالحشو والتفصيلات التي لا حاجة إليها، وينبغي أن نعلم.

أن القصص عن الأمم الماضية قد امتدت إليها أيدي أهل الكتاب الآثمة وغيرهم فحرفتها زيادة ونقصانا، بل أضافت فيها أشياء لا تليق بأهل الإيمان، ومن ذلك ما زادوه فيما يتعلق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا ما يسمى في علوم القرآن الكريم بالإسرائيليات والموضوعات وهي الأكاذيب والأقاصيص التي طرأت على القصص القرآني, وقد تولى كبر ذلك اليهود، وقد تسلل بعض من تلك الخرافات المنسوجة إلى بعض كتب التفسير والتاريخ، وإن الواجب علينا معشر المسلمين، هو الاعتماد في القصة القرآنية على ما جاء في القرآن الكريم، وصحيح السنة، وأما التفصيلات الزائدة على ذلك فإن أهل العلم ينظرون فيها إلى ما وافق القرآن والسنة فيحكمون بقبوله، وإلا فحسب المسلمين كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويجب علينا كذلك أن نعتقد أن الأنبياء عليهم السلام، معصومون من الدنايا ورذائل الأخلاق.

وما يشين السلوك المستقيم، وعليه فكل حكاية أو قصة تخلّ بمقام النبوة مما جاء عن بني إسرائيل وغيرهم يجب علينا ردّها وتكذيبها، وإن من القصص التي نسجت حولها الأكاذيب، بل تغلغلت هذه الكذبات في عقول بعض الناس قصةَ نبي الله داود عليه الصلاة والسلام الذي أكرمه الله تعالى، بكرامات متعددة، وستناول في هذا المقال بعون الله تعالى قصة نبى الله داود عليه السلام كما جاءت في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية، وننظر في تلك الأكاذيب الشنيعة التي نسبت إلى هذا النبي الكريم وهو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ولقد كان نبي الله داود عليه السلام، شابا من بني إسرائيل، وحينما خرج طالوت ببني إسرائيل إلى مواجهة جالوت وجنوده خرج داود في جند طالوت، فثبت مع الثابتين وبقي من الفئة القليلة.

التي واجهت جالوت وجنده، فلما تواجه الجمعان والتقى الفريقان أعان الله تعالى نبيه داود عليه السلام على قتل جالوت بيده، فلمع نجم داود في بني إسرائيل وعرفوا قدره، فملكوه عليهم بعد طالوت، وآتاه الله النبوة بعد ذلك، فجمع الله له بين النبوة والملك وبين خير الدنيا والآخرة، وقد كان الملك في بني إسرائيل في سبط، والنبوة في سبط آخر، فجمعهما الله تعالى، لداود عليه السلام، فقال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ” وقد عاش نبى الله داود عليه السلام عفيفا حريصا على العزة في طعامه وصلاح أمر عيشه، فما كان يأكل إلا من عمل يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

“ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده” رواه البخاري، وقد كانت مهنته التي علمها الله تعالى، إياها مهنة عسكرية تنفع الناس, وهي نسج الدروع وبيعها، وقد أحسن صناعتها وإتقانها بتعليم الله له، فكانت دروعه دقيقة وغير ثقيلة على لابسها، وإنما هي أخف محملا وأتم وقاية، فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ” وقال الله تعالى فى سورة سبأ ” ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبى معه والطير وألنا له الحديد ” وقال الله تعالى فى سورة سبأ ” أن اعمل سابغات وقدر فى السرد واعملوا صالحا إنى بما تعملون بصير ” وقال قتادة رحمه الله “أول من صنع الدروع داود, وإنما كانت صفائح، فهو أول من سردها وحلقها”