سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لله أقواما ساروا بهذا الدين حتى بلغوه، وحملوا لواء الشريعة ولم يتركوه، فنالوا العز من ذراه، واشتملهم الهدى إلى منتهاه، فكانوا بشرا كالبشر، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وقد عذبت أمانيهم في الخير حتى صاروا أئمة المهتدين، ونبراسا ومعلما وقدوة في العمل لهذا الدين، فرحم الله منهم السابقين واللاحقين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين إنهم من مدحهم الله سبحانه وتعالى، في كتابه الكريم، وأثنى عليهم الثناء العاطر، ومعهم المهاجرون والمتبعون لهم بإحسان، إنهم الأنصار، فحديثهم راحة النفوس الكليلة، وذكراهم تجلو القلوب العليلة، ولا يجد المؤمن الصادق سلوى الفؤاد المنكود بتربص الباغين.

وندرة القدوات، وقلة الناصرين والمؤازرين للمؤمنين، إلا بتتبع سيرهم، ومعرفة شيء من أحوالهم، ولقد كان من أشهر مناقبهم العامة هو أن الإسلام قد دخل المدينةَ عن طريق النقباء، الذين كانوا دلائل الدين وسفرائه في قلوب سكانها الأكارم، وقد عاهدوا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في البيعة الأولى للعقبة، ثم العقبة الثانية، وهم الذين استقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة بلهفة المشتاق، وحُداء البهجة والترحاب، ووصل مصعب بن عمير، رضي الله عنه إلى المدينة المنورة على إثر النقباء للدعوة إلى الإسلام في هذه البقعة التي تشرفت بعد ذلك بسكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وكذلك فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم أبر الناس قلوبا، وأعمقهم علما، وأحسنهم خلقا.

وفى هذا المقال إن شاء الله نريد أن نقترب من أولئك الرجال الأبرار، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد، ونقترب منهم لنرى إيمانهم، وثباتهم، وبطولاتهم، وولاءهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لنرى البذل الذي بذلوا، والهول الذي احتملوا، والفوز الذي أحرزوا نرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير، وضياع المصير، حقا إنهم فتية آمنوا بربهم، فزادهم الله هدى وسوف نتحدث عن صحابي جليل، إنه الصحابي سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير الأنصارى الخزرجي الحارثي البدرى النقيب الشهيد ، وأمه هي السيدة هزيلة بنت عنبة، وقد نشأ سعد في أسرة عريقة.

فكان أبوه من سادات بني الحارث، ولما كانت اليهود يعيرون العرب بأنهم أمة أمية، أرسل الربيع ولده سعد، ليتعلم القراءة والكتابة، وأصبح سعد سيدا من سادات الخزرج، وقد تحلى بالأخلاق والآداب التي يتحلى بها سادات القوم، وقد أمتن الله عليه بالعقل السليم والفكر الناضج والقلب المحب للخير لكل من حوله، ويروي لنا أبو بكر الزبيري، أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق، وبنت لسعد بن الربيع جارية صغيرة على صدره يقبّلها، فقال له الرجل من هذه؟ قال هذه بنت رجل خير مني، وروى الطبراني بسند فيه ضعف عن أم سعد بنت سعد بن الربيع أنها دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه فألقى لها ثوبا حتى جلست، فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فقال يا خليفة رسول الله من هذه؟ “قال هذه بنت من هو خير مني ومنك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل قبض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تبوّأ مقعده من الجنة، وبقيت أنا وأنت” وكان لسعد من الولد أم سعد وابنة أخرى أمها عمرة بنت حزم أخت عمارة بن حزم، وسعد بن الربيع هو صحابي من بني كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وقد شهد بيعة العقبة الثانية، وكان أحد نقباء الأنصار يومها، وقد شهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، غزوتي بدر وأحد، وقُتل يوم أحد، وسعد بن الربيع بن عمرو بن كعب بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي أحد نقباء الأنصار الحارثي البدري هو النقيب الشهيد الذي آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عبد الرحمن بن عوف.