الدكرورى يكتب عن سعد بن الربيع الأنصاري ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الخامس مع سعد بن الربيع الأنصاري، وقالت أم سعد بنت سعد بن الربيع رضي الله عنهما قالت أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ما أقام يدعو القبائل إلى الله عز وجل يؤذى ويُشتم، حتى أراد الله عز وجل بهذا الحي من الأنصار ما أراد من الكرامة، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفر منهم عند العقبة، وهم يحلقون رؤوسهم، ولقد كان المهاجرون لما قدم المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رَحمه أى ليس من أهله، للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، حتى نزلت الآيه الكريمه فى سورة الأنفال ” والذين ءامنوا وهاجروا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله إن الله بكل شئ عليم”
ولما رجع من حضر بدرا مِن المشركين إلى مكة وجدوا العير التي قدم بها أَبو سفيان بن حرب موقوفة في دار الندوة، فمشت أشراف قريش إلى أَبِي سفيان فقالوا نحن طيبو أنفس إن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد، فَقَال أَبو سفيان، وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي، فباعوها فصارت ذهبا فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار، فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم، وكانوا يربحون فِي تجارتهم للدينار دينارا، وفيهم نزلت الآية الكريمه من سورة الأنفال”إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله” وبعثوا رسلهم يسيرون فِي العرب يدعونهم إلى نصرهم، فأوعبوا وتألب من كَان معهم من العرب وحضروا.
فأجمعوا على إخراج الظعن يعني النساء معهم ليذكرنهم قتلى بدر فيحفظنهم فيكون أحد لهم في القتال، وكتب العباس بن عبد المطلب بخبرهم كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، سعد بن الربيع بكتاب عمه العباس بن عبد المطلب، وأرجف المنافقون واليهود بالمدينة، وبات سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة، في عدة ليلة الجمعة عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرست المدينة حتى أصبحوا، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة كأنه في درع حصينة، وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم من عند ظبته، وكأن بقرا تذبح، وكأنه مردف كبشا فأخبر بها أصحابه.
وأولها فقال صلى الله عليه وسلم”أما الدرع الحصينة فالمدينة، وأما انفصام سيفي فمصيبة في نفسي، وأما البقر المذبح فقتل في أصحابي، وأما مردف كبشا فكبش الكتيبة يقتله الله إن شاء الله” فكان رأَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا، فأحب أن يوافق على مثل رأيه فاستشار أصحابه الكرام في الخروج فأشار عليه عبد الله بن أبي ابن سلول أن لا يخرج، وكان ذلك رأي الأكابر من المهاجرين والأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” امكثوا فِي المدينة واجعلوا النساء والذراري فِي الآطام ” فَقَال فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا فطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى عدوهم ورغبوا فِي الشهادة وقالوا اخرج بنا إلى عدونا.
فغلب عَلَى الأمر الذى يريدون الخروج، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الجمعة بالناس ثم وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ففرح الناس بالشخوص، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالناس العصر وقد حشدوا وحضر أهل العوالي، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيته ومعه أَبو بكر وعمر فعمماه ولبساه وصف الناس له ينتظرون خروجه، فقال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الخروج والأمر ينزل عليه من السماء فردوا الأمر إليه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لبس لامته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من أدم من حمائل السيف، واعتم وتقلد السيف وألقى الترس فِي ظهره.