الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 1″
مع أبو الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام ولقد فضل الله سبحانه وتعالى، بني آدم على غيرهم من الخلق، وشرفهم وكرمهم وميزهم بميزات عدة فقد رفع بها شأنهم بين الخليقة، وكان من أهم ما شرف الله عز وجل، وكرم به الإنسان هو العقل، والعقل هو الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يميز ما ينفعه وما يضره، وأن يميز بين ما يصلحه وما يفسده، فانطلق الإنسان بعقله يفكر ويقدر ويدبر، وارتقى بعقله أعلى المراتب، واستطاع من خلاله أن يقيم أمور حياته ومعاشه، ولكن يبقى هذا العقل قاصرا، ويظل هذا العقل محدودا بحدود لا يستطيع أن يتجاوزها وتقف أمامه عقبات لا يستطيع أن يتخطاها، ولقد وقفت أمامه أسئلة حيرته وأعيته وأعجزه جوابها، ولم يستطع الوصول إلى حلها عباقرة العالم ولا أفذاذه الأذكياء، فيتسائل الإنسان عن من الذي خلقه ومن الذي أوجده؟
ولماذا وجد في هذه الدنيا؟ وماذا يكون بعد هذه الدنيا؟ ومن الذي يسيّر أمور هذا الكون؟ ومن الذي يدبر شؤونه؟ وما هي الحكمة من وجود هذه الخليقة كلها؟ فهذه كلها أسئلة لم يستطع الإنسان بمجرد عقله أن يصل إلى جوابها، فظل واقفا أمامها حائرا لم يستطع أن يصل إلى حلها ولم يجد لها جوابا إلا عند فئة من الناس اصطفاها الله عز وجل واختارها وجعلها علامة هداية أو معلم هداية للناس، وسراجا منيرا لهم، إنهم أنبياء الله ورسله الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى واختارهم وأرسلهم ليجيبوا عن هذه الأسئلة المحيرة، وليخرجوا البشرية من هذا التيه والضلال، وليخرجوهم من هذه الإشكالات المعضلة، ولولا رحمة الله سبحانه وتعالى، بإرسال الرسل لظلت البشرية تتخبط في ضلالها وفي تيهها، ولم تستطع أن تصل إلى حل أو جواب لهذه الأسئلة أو غيرها.
ولو أوكل الله البشرية إلى عقولها لضلت، ولما كان الله سبحانه وتعالى أرحم بعبيده من عبيده بأنفسهم، اجتبى من البشر رسلا وأنبياء يبلغون وحي الله تعالى إلى الناس، ويعطون الصورة العملية للالتزام، فهم القدوة والمثل، فما الرسل والأنبياء؟ وما هي مهمتهم؟ فإن الرسل هم جمع رسول، والأنبياء هم جمع نبي، والنبي هو ذكر من بني آدم، أوحى الله تعالى إليه بأمر، فإن أمر بتبليغه فهو نبي ورسول، وإن لم يؤمر بتبليغه فهو نبي غير رسول، وعلى هذا، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، وينبغي أن تعلم أن الرسل والأنبياء بعثوا بالتوحيد الخالص لله عز وجل، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” فإن الانحرافات التي حدثت بعد ذلك إنما هي من فعل الأتباع.
من أحبار ورهبان سوء بدّلوا وحرفوا وغيروا، ونبى الله إبراهيم هو أحد الأنبياء والرسل الكرام وقد ذكر نبى الله إبراهيم عليه السلام في خمسة وثلاثين موضعا من القرآن الكريم، وهو نبيا وأبا ورمزا للمسلم المثالي، يُنظر لإبراهيم أنه الرائد الأول للإسلام، وأن هدفه ورسالته طوال حياته كانت لإعلان وحدانية الله تعالى ويشار لنبى الله ابراهيم عليه السلام في الإسلام بإبراهيم الخليل وهذا يعني أنه صديق الله، وفي كل صلاة هناك ما يعرف بالصلاة الإبراهيمية وفيها الدعوة بالصلاة والتبريك لرسول الله محمد ونبى الله إبراهيم وآلهم عليهم الصلاة والسلام، وهو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام ، وقيل أن اسم أم إبراهيم عليه السلام هى أميلة، وقيل عنه في خبر ولادتها له حكاية طويلة.
وقال الكلبي أن اسمها نونا بنت كرنبا بن كوثى من بني أرفخشد بن سام بن نوح، وروى ابن عساكر من غير وجه، عن عكرمة أنه قال كان إبراهيم عليه السلام يكنى أبا الضيفان قالوا ولما كان عمر تارخ خمسا وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام، وناحور، وهاران، وولد لهاران لوط، وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها، وهي أرض الكلدانيين يعنون أرض بابل، وهذا هو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار، وصحح ذلك الحافظ ابن عساكر بعدما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل يقال له قاسيون، ثم قال والصحيح أنه ولد ببابل، وإنما نسب إليه هذا المقام، لأنه صلى فيه إذ جاء معينا للوط عليه السلام.