الدكرورى يكتب نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، ثم عمدوا إلى جوبة عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب، وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وتأججت والتهبت، وعلاها شرر لم ير مثله قط، ثم وضعوا إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له هيزن، وكان أول من صنع المجانيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه، وهو يقول لا إله إلا أنت سبحانك، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك، فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا، ثم ألقوه منه إلى النار قال حسبنا الله، ونعم الوكيل، فعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
حين قيل له إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء” رواه البخارى، وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لما ألقي إبراهيم في النار قال اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك” وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال ألك حاجة ؟ فقال أما إليك فلا، ويروى عن ابن عباس رضى الله عنهما، وسعيد بن جبير أنه قال جعل ملك المطر يقول متى أومر فأرسل المطر ؟ فكان أمر الله أسرع قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وقال الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه أي لا تضريه، وقال ابن عباس وأبو العالية لولا أن الله قال وسلاما على إبراهيم لأذى إبراهيم بردها.
وقال كعب الأحبار لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار، ولم يحرق منه سوى وثاقه، وقال الضحاك يروى أن جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره، وقال السدي كان معه أيضا ملك الظل وصار إبراهيم عليه السلام في مثل الجونة حوله النار، وهو في روضة خضراء، والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول إليه، ولا هو يخرج إليهم فعن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال، نعم الرب ربك يا إبراهيم، وروى ابن عساكر، عن عكرمة أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته يا بني إني أريد أن أجيء إليك، فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك فقال نعم، فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار، فلما وصلت إليه اعتنقته، وقبلته، ثم عادت
وعن المنهال بن عمرو أنه قال أخبرت أن إبراهيم مكث هناك إما أربعين، وإما خمسين يوما، وأنه قال ما كنت أياما وليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها، ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها صلوات الله وسلامه عليه فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا وقال الله تعالى ” وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين” وفي الآية الأخرى الأسفلين ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردا ولا سلاما، ولا يلقون فيها تحية ولا سلاما، بل هي كما قال الله تعالى ” إنها ساءت مستقرا ومقاما” وعن سعيد بن المسيب، عن أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبراهيم” رواه مسلم، وعن نافع مولى ابن عمر أخبره.
أن السيدة عائشة رضى الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم النار ” قال فكانت السيدة عائشة رضى الله عنها تقتلهن ” عن نافع أن امرأة دخلت على السيدة عائشة رضى الله عنها، فإذا رمح منصوب فقالت ما هذا الرمح؟ فقالت نقتل به الأوزاغ، ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن إبراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه، رواه أحمد، وعن السائبة مولاة الفاكه بن المغيرة قالت دخلت على السيدة عائشة رضى الله عنها فرأيت في بيتها رمحا موضوعا فقلت يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح ؟ قالت هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ كان ينفخ عليه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله” رواه ابن ماجه.