الدكرورى يكتب عن راحيل أم يوسف عليه السلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع راحيل أم يوسف عليه السلام، وبقي يعقوب عند خاله لابان عشرين سنة على الأقل، وقد خدمة مدة سبع سنوات منها، أولا لقاء الحصول على ابنته راحيل ولكن لما خدعه خاله وأعطاه ليئة عوضا عنها اضطر إلى خدمته سبع سنين أخرى للحصول على راحيل الفتاة التي أحبها، ثم بقي عنده مدة ست سنوات أخرى يخدمه للحصول على المواشي فتمكن بحيل متنوعة من كسب جانب عظيم من المواشي الأمر الذي أثار حفيظة لابان وأبنائه عليه فاضطر إلى الهرب آخذا معه زوجتيه وأولاده ومواشيه واتجه نحو أرض كنعان فتعقبه لابان وأدركه على جبل جلعاد وإذ كان الله قد أنذره بأن لا يوقع أضرارا بيعقوب عقد معه عهدا وافترق الاثنان على غير لقاء.
وعبد لابان إله آبائه يهوه إله ناحور، على أنه جمع عبادته هذه عبادة الأوثان أي الترافيم كما أنه استخدم طريقة العرافة والرجم بالغيب، وكانت السيدة راحيل واحدة من نساء الأنبياء اللائي سجل التاريخ مواقفهن في دعم الرسالات السماوية، فكانت مثالا للزوجة الوفية والأم العطوف والمرأة العابدة الشاكرة والصابرة وعندما بلغ نبي الله يعقوب عليه السلام سن الزواج، أشار عليه أبواه بأن يتوجه إلى خاله لابان في أرض حران بالعراق ليخطب إحدى ابنتيه، فقد آمنتا بدين إبراهيم عليه السلام، ولما قدم على خاله في أرض حران، وجد له ابنتين وهما ليا، الكبرى، وراحيل الصغرى، وكانت راحيل أوتيت حظا من الذكاء، وكانت تفوق أختها في الحسن فتقدم يعقوب عليه السلام إلى خاله وخطب منه ابنته راحيل.
وسأله خاله هل من مال أزوجك عليه ابنتي راحيل؟ فقال يعقوب لا يا خالي، إنني غريب هنا ولكني مستعد للوفاء بما تطلب مني، ثم قال يا خالي إن شئت أن تأخذني أجيرا حتى تستوفي صداق ابنتك راحيل فأنا على استعداد لذلك، وعندئذ قال له خاله وقد ظهرت عليه أمارات الرضا قبلت، وأن صداق راحيل أن تأجرني سبع سنين، فقال يعقوب وقال قبلت، فزوجني راحيل وهي شرطي، ولك أن أخدمك سبع سنين، وأجاب لابان يعقوب على شرطه، وفى الزفاف جمع الناس وأخذ يعقوب يرعى لخاله سبعة أعوام، فلما وفى بشرطه، صنع خاله طعاما من أجل الزفاف وجمع الناس عليه، وأقبل ليل ذلك اليوم، ودخل يعقوب خيمته، فوجد أن خاله زوجه ليا، فجاء يعقوب لخاله لابان غاضبا فقال له غدرت بي.
وإنما خطبت إليك راحيل، فقال خاله رويدك يا ابن أختي، فأنا لم أخدعك، إنه ليس من عاداتنا في هذه البلاد أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، وهل تريد أن تدخل على خالك العار والسبة بهذه الفعلة؟ قال يعقوب عليه السلام معاذ الله، فقال خاله إن أحببت راحيل أن تكون زوجة لك فاعمل لي سبعة أعوام أخرى، فوافق نبى الله يعقوب وانقضت سبع سنين، وأنجب يعقوب خلالها أولادا من زوجه ليا، وجاء اليوم الذي ينتظره يعقوب وزفت إليه راحيل، وكان جائزا في ملتهم زواج الأختين، وفي بداية زواجها من يعقوب، وتأخر عليها الولد، ورأت أن أختها ليا أنجبت أربعة أولاد، وكادت الغيرة تلعب بها عندما نذرت أن تهب لزوجها يعقوب جاريتها بلهى، ووهبت ليا أيضا له جاريتها زلفى، منافسة لأختها راحيل.
وولدت كلا الجاريتين ليعقوب، ولما رأت راحيل أن أختها ليا، والجاريتين زلفى وبلهى ولدن لزوجها يعقوب ولم تلد هي، فتوجهت إلى الله ودعته أن يهب لها غلاما، فاستجاب الله عز وجل لدعاء راحيل وأكرمها، فحملت ثم ولدت له غلاما عظيما شريفا حسنا جميلا مخلصا سمته يوسف، وكان يوسف عليه السلام أشبه الناس بجدته لأبيه سارة زوج الخليل إبراهيم عليه السلام، ولذا فقد كان أحب أبناء يعقوب إلى قلبه، وكان ليعقوب عليه السلام اثنا عشر ولدا من أربع أزواج، وظلت راحيل مع زوجها يعقوب عليه السلام قرابة عشرين سنة في العراق، وكانت راحيل تؤمن بالله عز وجل وتعبده مع زوجها يعقوب، وكانت فكرة الأصنام منتشره في بلاد أبيها، وودت لو استطاعت تحطيم جميع تلك الأصنام التي أضلت كثيرا من الناس.