الدكرورى يكتب عن راحيل أم يوسف عليه السلام ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع راحيل أم يوسف عليه السلام، وإن كان يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام جميعا، لم يقص علينا قصته التي ذكرناها في القرآن الكريم إلا أنه بشارة إبراهيم الخليل وزوجته سارة مع ولده إسحاق، فيعقوب عليه السلام هو بشارة لإبراهيم عليه السلام من الملائكة، حيث أثبتوا له النبوة قبل خلقه، ثم إنهم جميعا صالحون يعبدون الله عز وجل، يعملون الخير في الدنيا والآخرة بمشيئة الله تعالى، وأكثر ما تجلت قصة يعقوب عليه السلام مع ابنه يوسف عليه السلام عندما رأى يوسف الرؤيا فعرف أن إخوان يوسف سيحسدونه ويكيدون له، ثم فعلوا بيوسف ما فعلوا، وصبر يعقوب وعدم تصديقه لهم.
واستمر هذا الصبر مع شدة حزنه وألمه على فراق يوسف وثقته بالله بأن يوسف سيحفظه الله، ثم لحاق أخيه شقيقه به عند عزيز مصر، وزيادة حزنه وأسفه عليهما، ثم لقائه بيوسف عندما مكن الله ليوسف في الأرض، وذهابه مع كل أبنائه وأسرته إلى مصر، فتحققت رؤيا يوسف عليه السلام بعد زمن طويل، وإن السيدة راحيل رغم كونها أم نبى الله يوسف عليه السلام إلا أنها غابت تماما عن قصة نبي الله في القرآن الكريم وسورته الطويلة المسماة باسمه الإ في قوله “رفع أبويه علي العرش ” وسجودهما له في الرؤيا كما قال ” إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر” وفي غير هذين الموضعين لا نجد لها أي ذكر.
مع أن المفروض أن حزنها كان أضعاف حزن نبى الله يعقوب الذي أبيضت عيناه وفقد بصره من الحزن الشديد وإن الإجابة هنا ببساطة أن أم نبى الله يوسف ماتت وهي تلد أخوه الصغير بنيامين، وبالتالي الأم التي رأها يوسف في الرؤيا هي زوجة أبيه ليا بنت لابان وهى ” خالته ” شقيقة أمه راحيل التي ربته وأم أخوته الذين تآمروا عليه، وبسبب موت راحيل بنت لابان أم نبى الله يوسف عليه السلام كان التركيز منصبا علي أبيه يعقوب لأن مهما كانت زوجة الأب متعاطفة مع يوسف لكن قلبها يحنو أيضا على أبناءها ولن يقارن حزنها بحزن يعقوب عليه السلام، وفي هذا السياق تظهر روعة وبلاغة القرآن الكريم في قوله “ورفع أبويه على العرش.
ولم يقل “ورفع والديه على العرش” لأن كلمة والديه ستعني أمه المباشرة من النسب أما أبويه فتعني الأب والأم، ولكن أمه التي ربته أو زوجة أبيه وليست بالضرورة أمه المباشرة كما أن استخدام كلمة الأبوين تشير إلى الأب والأم مع تغليب جانب الأب، وبحسب علماء اللغة فإن كلمة الوالدين فتشير إلى الأب والأم أيضا لكن مع تغليب جانب الأم لأن الولادة صفة الأنثى ومن هنا نفهم لماذا قال تعالى “وبالوالدين إحسانا ” ولم يقل وبالأبوين إحسانا لتزكية الأم على الأب في الرعاية والإحسان والبر في تأكيد لا يقبل الشك علي علو مقام القرآن الكريم أنه يعلو ولا يعلي عليه في بلاغته وبيانه وروعته اللغوية، وقد توفيت السيدة راحيل حين اشتد ألم الولادة بها أثناء إنجابها لابنها الثاني بنيامين.
ودفنها زوجها النبي يعقوب عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين، وحزن نبى الله يعقوب كثيرا، وخص يوسف وبنيامين بالرعاية والحب، وعن رب العزة سبحانه وتعالى قال “ياعبادى أعطيتكم فضلا، وسألتكم قرضا، فمن أعطانى شيئا مما أعطيته طوعا، عجلت له فى العاجل، وادخرت له فى الآجل، ومن أخذت منه ماأعطيته كرها وصبر واحتسب، أوجبت له صلاتى، ورحمتى، وكتبته من المهتدين، وأبحت له النظر الى” وعن رب العزة سبحانه وتعالى قال ” ابن آدم، تفرغ لعبادتى، املأ صدرك غنى وأسد فقرك والا تفعل، ملأت صدرك شعلا ولم أسد فقرك” وأوحى الله تعالى لداود عليه السلام ” يا داود لو يعلم المدبرون عنى شوقى لعودتهم ورغبتى فى توبتهم لذابو شوقا الى، يا داود هذه رغبتى فى المدبرين عنى فكيف محبتى فى المقبلين على ” .