الدكرورى يتكلم عن عمر بن عبد العزيز ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عمر بن عبد العزيز ” جزء 1″
إن الدولة الأموية أو دولة بني أمية، هي دولة من دول الخلافة الإسلامية التي حكمت البلاد العربية، وهي أول سلالة من السلالات الإسلامية، حكم الأمويون المسلمين بعد الخلافة الراشدية، وقد استمرت دولة الخلافة الأموية ما يقرب من التسعون عاما، لتجيء بعدها الخلافة العباسية، وكان من أبرز خلفاء بني أمية هو معاوية بن أبي سفيان الذي يعد هو مؤسس الخلافة والخليفة الأول وابنه يزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، وهو عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، أبوحفص القرشي الأموى، وأمه هى أم عاصم، ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ورغم اختلاف المؤرخين حول سنة ميلاده فإنه من المرجح أنه ولد عام.
واحد وستون هجريا، لأنه يؤيد ما ذكره المؤرخون بأنه توفى عام مائة وواحد هجريا وعمره أربعون سنة، وتذكر بعض المصادر أنه وُلد بمصر، ففى زمن التابعيين ولد عمر بن عبد العزيز فى مصر بمنطقة حلوان لأن أباه عبدالعزيز بن مروان تولى حكم مصر، ولكن هذا القول ضعيف، لأن والده تولى أمر مصر عام خمسة وستون للهجرة، ولم يكن مقيما بها، وكانت إقامته وبنى مروان فى المدينة، لذلك فإن المرجح أن عمر بن عبدالعزيز ولد فى المدينة المنورة ونشأ عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة، وكان عمر بن عبدالعزيز يُلقب بالأشج، لأنه عندما كان صغيرا دخل إلى إسطبل أبيه عندما كان واليا على مصر، فضربه فرس فى وجهه فشجه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول إن كنت أشج بنى أمية إنك إذن لسعيد.
مستبشرا بمقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأن ابنه سيصبح أشج بنى أمية الذى يملأ الأرض عدلا، كما لقب بن عبدالعزيز باسم عمر الثانى لشدة التشابه بينه وبين جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فى الصفات والورع، ونشأ عمر بن عبدالعزيز محبا للعلم مقبلا عليه، وعندما تولى والده ولاية مصر طلب منه أن ينتقل معه، ولكن عمر طلب أن يرتحل إلى المدينة لطلب العلم ومجالسة الفقهاء والعلماء، وكان له ما أراد، فاشتهر بعلمه وأدبه، فلما مات أبوه تولاه عمه أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، مع أبنائه وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة، وفى سنة سبعة وثمانون هجريا أى عندما بلغ عمر بن عبدالعزيز سن ستة وعشرون عاما ولاه ابن عمه الخليفة الوليد بن عبدالملك على إمارة المدينة المنورة، وضم إليه ولاية الطائف سنة واحد وتسعين هجريا.
فصار واليا على الحجاز كلها، واستقبله أهل المدينة استقبالا حسنا، لأنهم كانوا يعرفون خلقه وفضله منذ نشأ بينهم، وكان عمر بن عبدالعزيز من خيرة الولاة وأفضلهم وأكثرهم كفاءة، فحرص على حسن اختيار معاونيه، وكان من بينهم شيوخه، عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبدالله بن عمر، وفى فترة ولايته للمدينة، ساد الأمن والعدل، وشعر أهلها بالهدوء والاستقرار، وجدد عمر بن عبدالعزيز المسجد النبوى، وعمل على تحسين عمارته، وبقى على ولاية المدينة ما يقرب من ست سنوات أكسبته خبرة واسعة فى شؤون الحكم والخلافة حتى عزله الخليفة الوليد عام ثلاثة وتسعين هجريا، ولم يكن ذلك بسبب تقصير أوإهمال وتقاعس، ولكن بسبب وشاية استجاب لها الوليد، فعاد عمر إلى الشام، ولم يتولي أى منصب حتى وفاة الوليد عام ستة وتسعين هجريا.
وفى عهد الوليد انتشر الفساد والظلم وكان زمنه فيه الحجاج ، وعمر ولاه وليد على المدينة فأصلح فيها، ثم الطائف ومكة والحجاز، وعندما أراد الحجاج أن يحج أرسل عمر للوليد،إذا أراد هذا الظالم أن يحج، فلا يدخل المدينة، فأرسل الوليد للحجاج، لا تدخلن مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم فإن فيها من لايحبك، وغضب الحجاج عندما علم وإذا به يوشى به عند الوليد حتى عزله وخرج عمر منها وهو يبكي، فقال له صديقه لم تبكي؟ فقال عمر أخشى أن تكون المدينة قد نفتنا لحديث رسول الله ” أن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ” وتوفي الوليد وتولى سليمان بعده، وكان ابنه سليمان أعدل منه فقرب عمر إليه، وكان عمر شديد عليه يذكره بتقوى الله وبأمر الرعية ولا يدع فرصة إلا ونصح الخليفة، وعندما تولى سليمان بن عبدالملك الخلافة استعان بعمر مستشارا ومعاونا ووزيرا له.