السيدة نفيسة العلم بنت الحسن ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن السيدة نفيسة العلم بنت الحسن ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى

السيدة نفيسة العلم بنت الحسن ” جزء 1″

السيدة نفيسة الطاهرة البارة كريمة الدارين الورعة سليلة أل بيت النبوة، هي بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وابن السيدة فاطمة الزهراء البتول ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها السيدة أم ولد، وقد ولدت السيدة نفيسة بمكة المكرمة في الحادي عشر من ربيع الأول سنة مائة وخمسة وأربعون من الهجرة، وقد فرحت أمها بمولودتها، ومما زاد في سرور الحسن الأنور أنها قريبة الشبه بأخته السيدة نفيسة بنت زيد رضي الله عنها، وهي التي تزوج بها الخليفة الوليد بن عبد الملك، ولما سمع الحاضرون من صفوة الأخيار وصالحي المريدين نبأ ولادة مولوة للحسن الأنور، قاموا وهنأوه بتحقيق أمله، واستجابة دعائه، فشكر لهم، ثم رفع يديه إلى السماء، وبسط كفيه بالدعاء والرجاء.

قائلا “اللهم انبتها نباتا حسنا، وتقبلها قبولا حسنا طيبا، واجعلها من عبادك الصالحين، وأوليائك المقربين الذين تحبهم، ويحبونك، وقد نشأت السيدة نفيسة بالمدينة المنورة وحفظت القرآن الكريم وتفقهت في الدين وتربت على الصلاح والتقوى وقد تزوجها ابن عمها اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وابن السيدة فاطمة الزهراء البتول ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نشأت السيدة نفيسة في جو يسوده العلم والورع والتقوى، في وسط يزخر بالعلماء والعبّاد والزهّاد ، فقرأت القرآن وحفظته، ودرست العلم ووعته، وسمعت مسائل الحديث والفقه ففهمتها، وكانت رضي الله عنها مُجابة الدعوة، فقد أظمأت نهارها بالصيام، وأقامت ليلها بالقيام، عرفت الحق فوقفت عنده والتزمت به.

وعرفت الباطل فأنكرته واجتنبته، واجتهدت بالعبادة حتى أكرمها الله بكرامات عديدة، فهي حفيدة الحسن وزوجها حفيد الحسن والحسين رضي الله عنهم، ويلقب زوجها اسحاق المؤتمن لكثرة أمانته و قوة ايمانه، وقيل أنه قد حجت السيدة نفيسة ثلاثون حجة وأكثرها وهي تمشي على أقدامها، ويروى أنه قبل زواجها تقدم اليها اسحاق يخطبها من والدها فصمت والدها ولم يرد عليه جوابا فقام اسحاق من عنده ودخل الحجرة النبوية الشريفة وتوجه الى النبي صلي الله عليه وسلم وقال بعد السلام يا رسول الله اني خطبت نفيسة بنت الحسن من أبيها فلم يرد جوابا وانني لم أخطبها الا لخيرها ودينها وعبادتها ثم خرج من الحجرة النبوية الشريفة، فرأى والدها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له “يا حسن زوج ابنتك نفيسة لإسحاق المؤتمن”

وبزواجهما اجتمع في بيتها نوران، نور الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، فالسيدة نفيسة جدها الإمام الحسن وإسحق المؤتمن جده الإمام الحسين رضي الله عنهما، وكان كلما نزل بالناس أمرا جاؤا الى السيدة نفيسة وسألوها الدعاء فتدعوا لهم فيكشف الله عنهم ما نزل بهم وكانوا يزدحمون عندها فلما رأى ذلك زوجها قال نرجع الى الحجاز فقالت لا أستطيع لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال لي في المنام “لا ترحلي من مصر فإن الله متوفيك فيها” وقد وصلت السيدة نفيسة إلى القاهرة يوم السبت السادس والعشرون من شهر رمضان من عام مائة وثلاثة وتسعون من الهجرة، قبل أن يأتي إليها الإمام الشافعي بخمس سنوات، ونزلت بدار سيدة من المصريين تدعى “أم هانئ” وكانت دارا واسعة، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم، حتى ازدحم وقتها.

وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة ” إني كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى صلي الله عليه وسلم” ففزع الناس لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخل الوالي السري بن الحكم وقال لها ” يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه ” ووهبها دارا واسعة، ثم حدد يومين في الأسبوع يزورها الناس فيهما طلبا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت، ولما وفد الإمام الشافعي إلى مصر، وتوثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان.