الدكرورى يكتب عن حياة القلب وسعادتة ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
حياة القلب وسعادتة ” جزء 1″
إن كل انسان فى هذه الدنيا يعيش مشغول البال ومشغول الفكر ودائما فى حيره ولكن لماذا كل ذلك ؟ فإن سعادة القلب، وسكينة النفس وراحة البال، وقرة العين أعظم ما يسعى إليه كل إنسان في هذه الحياة، وهو مطلب من أهم المطالب التي يتمناها جميع الخلق، ورغبة كل إنسان عاقل، وقال تعالى موضحا أثر حياة القلب على سعادة الإنسان في الدنيا وبعد الممات ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار” وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
“إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها , قال فما عملت فيها ؟ قال قاتلت فيك حتى استشهدت، قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ؟ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت ولكنك تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار, ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار” رواه مسلم، ولقد وضح الإسلام الأسس والقواعد التي تقوم عليها حياة القلب وسعادته.
فمن أخذ بها وطبقها منحه المولى السعادة الحقة والحياة الطيبة المطمئنة، وإن كان فقير الحال، ومن لم يطبقها أو تغافل عن أسبابها واعرض عن مقوماتها شقي وأصابه الحزن والكمد والقلق وإن كان ثريا وغنيا وقويا، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” ألا وإن لكل ملك حمي، ألا وإن حمي الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” ولا شك أن صلاح الجوارح والأخلاق بل وصلاح الدين والدنيا بصلاح القلب وقوته وسعادته وسعته، وإذا سعد القلب طابت الجوارح ونشطت في عمل الخير ونفع الخلق، وإن من أعظم مقومات سعادة القلب وحياته هي الإيمان الصادق واليقين الجازم بالله وبرسوله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره.
حيث قال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم” وإن من ثمرات الإيمان بالله واليوم الآخر أن المسلم يسير وفق هدى وبصيرة ونور وعلم وبينة، فهو يعلم من أين جاء وإلى أين المصير، وما هو الغاية من خلق الجن والإنس فقال المولى عز وجل ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولذا فهو لا تتشعب به الآراء، ولا تلتبس عليه الأمور، ولا ينتابه الشك والارتياب بل هو ثابت الجأش مطمئن القلب، قوي الإرادة، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لما نزلت هذه الآية ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم” شق ذلك على الناس وقالوا يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟ قال “إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح “يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم”
إنما هو الشرك، ومن مقومات الإيمان الصبر عند الضراء، والشكر على السراء فيقابل المسرات والنعم بالشكر للمولى فلا يبطر ويتذمر، ويقابل المصائب مهما كانت شديدة أو قوية بالصبر والتضرع والتوكل فلا ييأس أو يقنط، فقد قال الله تعالى ” ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم” وإن المسلم إذا أنعم الله عليه بنعمة من زيادة مال ورزق وولد زاده شكرا وذكرا لله، ودعاه ذلك إلى المحافظة على ما أنعم الله عليه من خلال الطاعة والإحسان، وإذا ابتلاه الله بفقد عزيز أو وظيفة أو مال صبر وعلم أن ذلك ابتلاء من المولى ليمتحن صبره وعبوديته، وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكانت خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكانت خيرا له”