حياة القلب وسعادتة ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن حياة القلب وسعادتة ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

حياة القلب وسعادتة ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع حياة القلب وسعادتة، وإذا رأيت من يتردد بين الخير والشر، لا لأنه يميل في بعض الأحيان إلى الخير بل لأنه يريد أن يثبت للناس أنه ذو فضل وإحسان، فهذا صاحب القلب الأغلف الذي ران النفاق على قلبه، وأما الصنف الرابع، فمنه من يجمع الإيمان والنفاق، لا لأنه يظهر غير ما يبطن كما رأينا في الصنف الثالث بل لأنه متردد إذا آمن مرة فعن صدق، وإذا جحد فعن صدق، فذلك الذي يجمع قلبه بين الماء العذب والصديد المتقيح، ولا يستقر على حال، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه وهو التعبد، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فرجع يرجف فؤاده، فدخل على السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال “زملوني زملوني” فزملوه حتى ذهب عنه الروع.

فقال للسيدة خديجة رضي الله عنها وأخبرها الخبر “لقد خشيت على نفسي” فقالت السيدة خديجة “كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخاري ومسلم، وقال الإمام النووي رحمه الله “قال العلماء، معنى كلام السيدة خديجةَ رضي الله عنها أنك لا يصيبك مكروه، لما جعله الله سبحانه وتعالى فيك من مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، ومحاسن الشمائل، وذكرت ضروبا من ذلك، وفي هذا أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء والمكاره” وقال الإمام الكرماني رحمه الله “وفيه أن خصال الخير سبب للسلامة من مصارع السوء، والمكارم سبب لدفع المكاره” وقال الإمام العيني رحمه الله “فيه أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب للسلامة من مصارع الشر والمكاره.

فمن كثر خيره حسنت عاقبته، ورُجي له سلامة الدين والدنيا” وقال الشيخ بن باز رحمه الله “صاحب الأعمال الحميدة والعظيمة لا يُخزى” ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي “عجبا لك ياابن آدم عندما تولد يؤذن في أذنك من غير صلاة وعندما تموت يصلى عليك من غير أذان، عجبا لك ياابن آدم عندما تولد لا تعلم من الذي أخرجك من بطن أمك وعندما تموت لا تعلم من الذي أدخلك إلى قبرك عجبا لك ياابن آدم عندما ولدت تغسل وتنظف وعندما تموت تغسل وتنظف، عجبا لك ياابن آدم عندما تولد لاتعلم من فرح واستبشر، بك وعندما تموت لاتعلم من بكى وحزن عليك عجبا لك ياابن آدم في بطن أمك كنت في مكان ضيق ومظلم وعندما تموت تكون في مكان ضيق ومظلم عجبا لك ياابن آدم عندما ولدت تغطى بالقماش ليستروك وعندما تموت تكفن بالقماش أيضا.

ليستروك عجبا لك يا ابن آدم عندما ولدت وكبرت يسألك الناس عن شهاداتك وخبراتك وعندما تموت تسألك الملائكة عن عملك الصالح فماذا أعددت لآخرتك؟” وإن الصدقة من أهم أسباب دفع البلاء قبل وقوعه، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال “خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال “يا معشر النساء، تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار” رواه البخاري ومسلم، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفي هذا الحديث من الفوائد أن الصدقة تدفع العذاب” وقال العلامة ابن القيم “للصدقة تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاءِ، وهذا أمر معلوم عند الناس، خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلُّهم مُقرّون به لأنهم قد جرّبوه”

وقال رحمه الله “في الصدقة فوائد ومنافع لا يحصيها إلا الله فمنها أنها تقي مصارعَ السوء، وتدفع البلاء حتى إنها لتدفع عن الظالم” وقال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي “يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام، وجعلت لك متكأ عن يمينك ومتكأ عن يسارك فأما الذي عن يمينك فالكبد وأما الذي عن يسارك فالطحال وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك، فهل يقدر على ذلك غيري ؟؟ فلما أن تمّت مدتك وكملت خلقتك أوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه، ليس لك سن تقطع، ولايد تبطش ولا قدم تسعى، فبعثت لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا حارا في الشتاء وباردا في الصيف وألقيت محبتك في قلب أبويك، فلا يشبعان حتى تشبع ولايرقدان حتى ترقد، فلما قوي ظهرك واشتد عضدك بارزتني بالمعاصي في خلواتك ولم تستحي مني ومع هذا إن دعوتني أجبتك وإن سألتني أعطيتك وإن تبت إليّ قبلتك”