أسماء بنت أبى بكر الصديق ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن أسماء بنت أبى بكر الصديق ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

أسماء بنت أبى بكر الصديق ” جزء 1″

هي ذات النطاقين أسماء بنت عبد الله بن عثمان التيمية، فهي ابنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأمها هي قتلة أو قتيلة بنت عبد العزى قرشية من بني عامر بن لؤي، وقد ولدت السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قبل الهجرة بحوالي ثلاث وعشرين سنة، وهي أخت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وهى زوجة الزبير بن العوام رضي الله عنه، وأم عبد الله بن الزبير وعروة بن الزبير رضي الله عنهما، وقد تزوجت الزبير بن العوام، وهاجرت معه وهي حامل بعبد الله إلى المدينة المنورة، وقد ولدت أسماء خمسة أولاد، هم عبد الله، وعروة، والمنذر، وعاصم، والمهاجر، وثلاث بنات هن خديجة الكبرى، أم الحسن، عائشة .

وكانت من أوائل الذين أسلموا، وآخر المهاجرات وفاة، وعاشت السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية، فهي من السابقات إلى الإسلام، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على الإيمان والتقوى، ولقد تربت على مبادئ الحق والتوحيد والصبر متجسدة في تصرفات والده، ولقد أسلمت عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة، وكان إسلامها بعد سبعة عشر إنسانا، ووفي أثناء الهجرة التي هاجر فيها المسلمين من مكة إلى المدينة، وظل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينتظر الهجرة مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من مكة، فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة معه .

وعندما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يربط الأمتعة ويعدها للسفر لم يجد حبلا ليربط به الزاد الطعام والسقا فأخذت أسماء رضي الله عنها نطاقها الذي كانت تربطه في وسطها فشقته نصفين وربطت به الزاد، فالسيدة أسماء رضي الله عنها لها مآثر عظيمة في حياتها أهمها هى قيامها بمهمة خطيرة أثناء هجرة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع أبيها أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقد كانت تجهز لهما طعام السفر، فلم تجد ما تربط به الطعام، فشقت خمارها نصفين وربطت في أحدهما الطعام وارتدت الآخر، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ها ” أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة” فسميت بذات النطاقين، وتمنت أسماء الرحيل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبيها وذرفت الدموع، إلا إنها كانت مع أخوتها في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار .

وقد كانت تأخذ الزاد والماء للنبي صلى الله عليه وسلم ووالدها أبي بكر الصديق غير آبهة بالليل والجبال والأماكن الموحشة، وذلك لأنها كانت تعلم أنها في رعاية الله وحفظه ولم تخش في الله لومة لائم، ولها أيضا موقف مع جدها أبي قحافة يدل على سمو نفسي وأخلاقي وسرعة بديهة وقوة تحمل قلما توجد ، وتروي السيدة أسماء رضي الله عنها هذا الموقف، فتقول ” لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، حمل أبي أبو بكر رضي الله عنه معه جميع ماله وهو خمسة آلاف أو ستة آلاف، فأتاني جدي أبو قحافة وقد عَمي، أي راح بصرة، فقال إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه، فقلت كلا، قد ترك لنا خيرا كثيرا، فعمدت إلى أحجار، فجعلتهن في كوة البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده، ووضعتها على الثوب، فقلت هذا تركه لنا، فقال “أما إذ ترك لكم هذا، فنعم”.

وعاشت رضي الله عنها حياة خشنه بعد زواجها من الزبير بن العوام رضي الله عنه، إذ كان فقيرا لا يملك غير فرسه، وكان في طبعه شدة وكان يغار عليها، فكانت السيدة أسماء رضي الله عنها تعتني بالفرس وتعلفه وتدق النوى وتحمله على رأسها مسافة طويلة من أرض الزبير رضي الله عنه التي أقطعها له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من عظيم عنايتها بزوجها وصبرها معه وتقديرها له أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيها وهي تحمل النوى فأراد أن يحملها على دابته تخفيفا عنها، لكنها اعتذرت له لما كانت تعلمه عن زوجها من غيرة عليها، فأخبرت الزبير رضي الله عنها، فقال لها “والله، لحَملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه “.

واستمرت على هذا الحال حتى أرسل لها أبوها أبو بكر رضي الله عنه خادما تخفف عنها بعض هذا الحمل الثقيل، فكفتها سياسة الفرس، فقالت السيدة أسماء رضي الله عنها عن هذا الموقف من أبيها “فكأنما أعتقني” وكان من شدة ورعها أنها حين قدمت عليها أمها وهي لا تزال على الشرك وأحضرت لها بعض الهدايا لم تقبلها، حتى سألت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قائلة له إن أمي قدمت وهي راغبة، أي غير مسلمة، أفأصلها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ” نعم صلى أمك ” رواه البخاري، وقد روى رضي الله عنها حوالي ثمانيه وخمسون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا، وانفرد البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بأربعة.