الدكرورى يكتب عن عُبادة بن الصامت الخزرجي ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
هؤلاء هم الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وهؤلاء أصحاب بيعة العقبة الأولى، وكان من بين هؤلاء الصحابة الكرام هو الصحابى الجليل عُبادة بن الصامت وهو صحابي من بني غنم بن عوف من الخزرج، وقد شهد العقبتين، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم شارك في الفتح الإسلامي لمصر، وسكن بلاد الشام، وتولى إمارة حمص لفترة، ثم قضاء فلسطين حتى توفي في الرملة بفلسطين رضى الله عنه، وهو الصحابى الجليل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرجي الأنصاري، وقد شهد بيعة العقبة الأولى وهو أحد الخمسة الأول من الأنصار الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد اشتهر بأنه لا يخاف في الحق لومة لائم، فقد خالف معاوية بن أبى سفيان في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان عندما ذهب إلى الشام يثقف أهلها، وقد أسلم عبادة بن الصامت قبل هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، وقال ابن إسحاق أنه شهد بيعة العقبة الأولى، ولكن المؤكد أنه كان أحد نقباء الأنصار الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة بيعة العقبة الثانية، وبعد الهجرة النبوية، قد آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وقد شهد الصحابى الجليل عبادة بن الصامت مع النبي صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، كما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم، على بعض الصدقات، وكان عبادة حافظا للقرآن الكريم، فكان يُعلم أهل الصفة القرآن الكريم.
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وتوسع الفتوح الإسلامية، انتقل عبادة بن الصامت إلى الشام، وقال محمد بن كعب القرظي، جمع القرآن الكريم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة من الأنصار، وهم معاذ وعبادة وأبيّ وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان عمر بن الخطاب، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه، إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه “أعينوني بثلاثة” فقالوا، هذا شيخ كبير ويقصد أبو أيوب الأنصارى، وهذا سقيم وهو يقصد أبيّ بن كعب، فخرج الثلاثة إلى الشام، فقال لهم ابدءوا بحمص، فإذا رضيتم منهم، فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين، وقال خليفة بن خياط في تاريخه أن أبا عبيدة ولاه إمارة حمص، ثم عزله.
وولى عبد الله بن قرط، فسكن عبادة بيت المقدس، وزعم الأوزاعي أن عبادة أول من ولي قضاء فلسطين، كما قيل أنه شهد الفتح الإسلامي لمصر حيث كان من أمراء المدد الذي بُعث لعمرو بن العاص، ولما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام، ساءت العلاقة بين عبادة ومعاوية لأشياء أنكرها عليه عبادة، فقال لمعاوية ” لا أساكنك بأرض ” فرحل إلى المدينة المنورة، فقال له عمر بن الخطاب “ما أقدمك؟” فأخبره بفعل معاوية، فقال له ” ارحل إلى مكانك، فقبّح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك” ثم حدث أن كان عبادة بن الصامت مع معاوية يوما، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية بن أبى سفيان.
فقال له عبادة ” إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالعقبة على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا ومكسلنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب” فكتب معاوية بن أبى سفيان إلى الخليفة عثمان بن عفان ” إن عبادة بن الصامت قد أفسد عليّ الشام وأهله، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام” فكتب إليه عثمان أن يُرحّل عبادة حتى يُرجعه إلى داره بالمدينة المنورة، وقيل أنه مات بالرملة سنة أربعه وثلاثين من الهجرة، وكان عمره اثنين وسبعين سنة، وكان رجلا طويلا جسيما جميلا.