الجزء الثانى مع عُبادة بن الصامت الخزرجي

الدكرورى يكتب عن عُبادة بن الصامت الخزرجي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع عُبادة بن الصامت الخزرجي، وكان لعبادة بن الصامت من الولد الوليد وأمه جميلة بنت أبي صعصعة وهى أخت الصحابي قيس بن أبي صعصعة، ومحمد وأمه أم حرام بنت ملحان، وداود وعبيد الله، ولم تذكر أمهاتهم، وقد روى الصحابى الجليل عبادة بن الصامت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه أبو أمامة الباهلي وأنس بن مالك وأبو مسلم الخولاني والكثير والكثير من رواة الحديث، وقد أورد له بقي بن مخلد في مسنده مائة وواحد وثمانون حديثا، وله منها ستة متفق عليها، وانفرد الإمام البخاري بحديثين، والإمام مسلم بحديثين، وكما روى له باقي الجماعة في كتبهم، وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم من بني سالم بن عوف من الخزرج.

 

وقد ولد عبادة بن الصامت في المدينة قبل الهجرة بثمانى وثلاثين سنة، فهو أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بخمسة عشر عاما، وكان أبوه الصامت بن قيس، وهو لم يدرك الإسلام، وقد توفى أبوه على دين قومه، وأما عن أمه فهى السيدة قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك من الخزرج، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، من أوائل الذين أسلموا من الأنصار، وذلك في السنة العاشرة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، ومنذ أن أسلم عبادة بن الصامت رضى الله عنه، فقد ارتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ارتباطا وثيقا، وتعلق به تعلقا شديدا، فلم يكن من مشهد من مشاهد الإسلام إلا وحضره.

 

ولم يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم،غزوة، ولم يسر إلى مكان إلا وكان معه، وقد رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مائة وواحد وثمانون حديثا، وعبادة بن الصامت رضى الله عنه، من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمها وأثراها مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو الرعيل الذي صهره النضال وصقلته التضحية، وعانق الإسلام رغبا لا رهبا، وباع نفسه وماله، وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الصدقات، وقال له “اتقِ الله، ألا تأتي يوم القيامة ببعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها ثؤاج” فقال عبادة رضى الله عنه، فوالذي بعثك بالحق، لا أعمل عمل اثنين وبايع النبي صلى الله عليه وسلم،على ألاَ يخاف في الله لومة لائم.

 

وأما عن بطولة عبادة بن الصامت العسكرية فقد تجلت في مواطن كثيرة، فعندما طلب عمرو بن العاص رضى الله عنه مددا من الخليفة لإتمام فتح مصر، فقد أرسل إليه أربعة آلاف رجل، على رأس كل منهم قائد حكيم، وصفهم الخليفة قائلا “إني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم رجل بألف رجل” وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه واحدا من هؤلاء الأربعة الأبطال، وكان عبادة بن الصامت رضى الله عنه، ممن بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيعة العقبة الأولى، أو كما عُرفت ببيعة النساء، قال عبادة بن الصامت “كنت ممن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلا، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على بيعة النساء.

 

وذلك قبل أن تفترض الحرب، على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فقال صلى الله عليه وسلم ” فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم ذلك فأمركم إلى الله ، إن شاء عذب وإن شاء غفر” وقد تمت بيعة العقبة الثانية التي فيها النصر والحماية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم” فقالوا يا رسول الله، نبايعك، فقال صلى الله عليه وسلم “تبايعوني على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والنفقة في العسر واليسر، لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة” فبايعوه على ذلك.