الجزء الرابع مع عُبادة بن الصامت الخزرجي

الدكرورى يكتب عن عُبادة بن الصامت الخزرجي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع عُبادة بن الصامت الخزرجي، وأورد البخاري في تاريخه أن يزيد بن أبي سفيان كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يقول قد احتاج أهل الشام إلى من يعلمهم القرآن الكريم ويفقههم في أمور دينهم فأرسل معاذا وعبادة وأبا الدرداء، فأقام عبادة بحمص، ومضى إلى فلسطين، وملأها علما وفقها ونورا، واستخلفه عليها أبو عبيدة بن الجراح عندما سار لفتح طرطوس، ففتحها، وكان أول من ولي قضاء فلسطين من قبل عمر بن الخطاب، وقيل إنه توفي في بيت المقدس، ويروى أنه يوم وفاته قال ” أخرجوا فراشي إلى الصحن، واجمعوا لي موالي وخدمي وجيراني، ومن كان يدخل علي” فجمعوا له، فقال ” إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا،

وأول ليلة من الآخرة، وإني لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء، والذي نفس عبادة بيده القصاص يوم القيامة، وان كان أحد منكم في نفسه شيء من ذلك فليقتص مني قبل أن تخرج نفسي” فقالوا بل كنت مؤديا، قال ” اللهم اشهد ” ثم قال ” أما لا، فاحفظوا وصيتي، أحرج على إنسان منكم يبكي علي، فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كل إنسان منكم المسجد فيصلي ثم يستغفر لي ولنفسه، فإن الله تبارك وتعالى قال فى كتابة الكريم فى سورة البقرة ” واستعينوا بالصبر والصلاة ” ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تتبعني نار، ولا تضعوا تحتي أرجوانا” وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما.

 

إلا تعليم الناس وتفقيههم في الدين، فهذا هو العمل الوحيد الذي آثره عبادة بن الصامت رضى الله عنه، مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى المحفوفة بالزهو وبالسلطان وبالثراء، والمحفوفة أيضا بالأخطار التي يخشاها على مصيره ودينه، وهكذا سافر إلى الشام ثالث ثلاثة هو، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، حيث ملئوا البلاد علما وفقها ونورا، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، أخبرني عبادة بن الصامت رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال “إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس”

 

ويروي الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه، أن رسول الله قال “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب” وعن جنادة بن أبي أمية، حدثني عبادة بن الصامت رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال “من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله” ثم قال “اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته” وحين أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أن يصف عبادة بن الصامت قال عنه، أنه رجل يعد في الرجال بألف رجل، وقد قال عنه ابن الخطاب هذه العبارة حين أرسله مددا لـعمرو بن العاص في فتح مصر.

 

إذ كان طويلا فارع الطول، أسمر البشرة، ويعد ابن الصامت من السابقين إلى الإسلام، إذ كان من رجال البيعة الأولى ومن بني عوف بن الخزرج الأنصاري، أي من الأنصار الذين نصروا وآووا وبذلوا أرواحهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله، وقيل أنه لما كتب معاوية إِلى عثمان بن عفان رضى الله عنه، إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله، فإِما أن تكفه إِليك، وإِما أن أخلي بينه وبين الشامِ، فكتب إِليه عثمان بن عفان، أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره بالمدينة، فقيل، فدخل ابن الصامت علي عثمان بن عفان، فلم يفجأه إِلاَ به، وهو معه في الدار، فالتفت إِليه، فقال يا عبادة، ما لنا ولك؟ فقام عبادة بين ظهراني الناس، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، ولا تضلوا بربكم “