الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثالث مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، فجعل الصديق على أنقاب المدينة حراسا يبيتون بالجيوش حولها، وأنه ليس من السهل القبول بفكرة أن مَن سمع من النبى صلى الله عليه وسلم، أو سمع عن النبى صلى الله عليه وسلم، خلال رحلة دعوته إلى الإسلام أن يرتد عن الدين بهذه السهولة، أو ينافسه فى النبوة، وليس من المنطقى ولا المعقول أن تجمع الصدفة هذا العدد الكبير من الأنبياء المزيفين فى اللحظة التاريخية الخاصة التى أعقبت وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، مؤكد أن ثمة أسبابا سياسية دفعت إلى هذا التمرد الكبير الذى اجتاح القبائل العربية التى أسلمت وأطاعت النبى صلى الله عليه وسلم، وقدم وفد بني أسد إلى المدينة لمبايعة النبى صلى الله عليه وسلم.
والدخول فى الإسلام، وقد تألف من عشرة أشخاص منهم ضرار بن الأزور، ووابصة بن مبعد، وطليحة بن خويلد، وغيرهم، ويبدو أنهم كانوا في حال عداء مع جيرانهم بني طيء ففصل النبى صلى الله عليه وسلم، فى هذا النزاع وكتب لهم كتابا قد كتبه له خالد بن سعيد، ورد فيه ” ألا يقربن مياه طيء وأرضهم، فإنه لا تحل لهم مياههم، ولا يلجن أرضهم من أولجوا” وأقر عليهم قضاعي بن عمرو وهو من بني عذرة، وجعله عاملا عليهم، كما كتب إلى حصين بن نضلة الأسدى، فقال له ” أن له آراما وكسة لا يحاقه فيها أحد” أى أن له أصلا وشرفا لا ينازعه فيهما أحد، وكانت أسد وغطفان وطيء قد تحالفت في الجاهلية قبل البعثة النبوية، ثم حدث خلاف بينهم فخرجت طيء من الحلف.
فأجلاها بنو أسد وغطفان عن ديارها وانقطع بذلك ما بينها وبينهما، وهذا الذي دفع النبى صلى الله عليه وسلم، إلى إصلاح ذات البين ومنع أسدا من التعدي على مياه طيء وأرضهم، ثم حدث تباعد بين الحليفين أسد وغطفان، ولما ادعى طليحة النبوة وظهر أمره بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، ساندته غطفان لأنها كانت على عداء مع قريش، وقال عيينة بن حصن الفزارى “ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد، وإني لمجدد الحلف الذي كان بيننا في القديم ومتابع طليحة، والله لأن اتبع نبيا من الحليفين أحب إلينا من أن نتبع قريشا، وقد مات محمد وطليحة حي” والواقع أن هذه القبائل المضرية كانت تكره سيادة قريش، وطليحة بن خويلد بن نوفل الأسدي.
كان من قادة حروب الردة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة الحادية عشر من الهجرة، الموافق ستمائة واثنين وثلاثين ميلادى وقد ادّعى النبوة في قومه بني أسد وتبعه بعض طيء وغطفان في أرض نجد ، إلا أنه هزم مع أتباعه على يد القائد سيف الله المسلول خالد بن الوليد في معركة بزاخة ودخل الإسلام على إثر ذلك، وقد شارك طليحة في الفتوحات الإسلامية وقتل في معركة نهاوند سنة واحد وعشرين من الهجرة، وكان طليحة بن خويلد الأسدى من بني أسد بن خزيمة قد تنبأ في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور عاملا على بني أسد، وأمرهم بالقيام على من ارتد، فضعف أمر طليحة حتى لم يبق إلا أخذه، فضربه بسيف، فلم يصنع فيه شيئا.
فظهر بين الناس أن السلاح لا يعمل فيه، فكثر جمعه، ومات النبى صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، فكان طليحة يقول إن جبرائيل يأتينى، وسجع للناس الأكاذيب، وكان يأمرهم بترك السجود في الصلاة ويقول إن الله لا يصنع بتعفر وجوهكم وتقبح أدباركم شيئا، اذكروا الله أعفة قياما، إلى غير ذلك وتبعه كثير من العرب عصبية، فلهذا كان أكثر أتباعه من أسد وغطفان وطيئ، فسارت فزارة وغطفان إلى جنوب طيبة، وأقامت طيئ على حدود أراضيهم، وأسد بسميراء، واجتمعت عبس وثعلبة بن سعد ومرة بالأبرق من الربذة، واجتمع إليهم ناس من بني كنانة، فلم تحملهم البلاد فافترقوا فرقتين، أقامت فرقة بالأبرق، وسارت فرقة إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بأخيه حبال، فكان عليهم وعلى من معهم من الدئل وليث ومدلج.