الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السادس مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، ولما انهزم الناس عن طليحة أسر عيينة بن حصن، فقدم به على أبي بكر، فكان صبيان المدينة يقولون له وهو مكتوف يا عدو الله ، أكفرت بعد إيمانك ؟ فيقول والله ما آمنت بالله طرفة عين، فتجاوز عنه أبو بكر الصديق رضى الله عنه وحقن دمه، وأخذ من أصحاب طليحة رجل كان عالما به، فسأله خالد بن الوليد عما كان يقول ، فقال إن مما أتى به ” والحمام واليمام، والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق والشام” قال ولم يؤخذ منهم سبي، لأنهم كانوا قد أحرزوا حريمهم، فلما انهزموا أقروا بالإسلام خشية على عيالاتهم، فآمنهم، وقد قال القائد خالد بن الوليد لبعض أصحاب طليحة ممن أسلم وحسن إسلامه أخبرنا عما كان يقول لكم طليحة من الوحي.
فقال له إنه كان يقول ” والحمام واليمام، والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق والشام” إلى غير ذلك من الأقوال العجيبة، وقد عاد طليحة بعد ذلك وأسلم وحسن إسلامه، ثم اتجه إلى مكة يريد العمرة في عهد أبي بكر الصديق رضى الله عنه واستحيا أن يواجهه مدة حياته، ثم خرج مرة أخرى مُحرما في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال له عمر أَنت قاتل الرجلين الصالحين، يعني ثابت بن أقرم وعكاشة؟ فقال طليحة كرمهما الله بيدى، فقال والله لا أحبك أبدا، قال فمعاشرة جميلة يا أمير المؤمنين، فإن الناس يتعاشرون مع البغضاء، وأَسلم طليحة إِسلاما صحيحا، وكان له في قتال الفرس في القادسية بلاء حسن، وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إِلى النعمان بن مُقرن رضي الله عنه.
“أَن استعن في حربك بطليحة وعمرو بن معديكرب، واستشرهما في الحرب، ولا تولهما من الأَمر شيئا، فإِن كل صانع أَعلم بصناعته ” وهذا من فقه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لأن الذى جعل طليحة يدعى النبوة حبه للرياسة والزعامة، ولما كان يوم أرماث قام طليحة في بني أسد يدفعهم إلى القتال وإلى الدفاع عن الإسلام والمسلمين يقول “ابتدئوا الشدة، وأقدموا عليهم إقدام الليوث الحربة، فإنما سميتم أسدا لتفعلوا فعلة الأسد” ثم بارز الفرس وقادتهم وعلى رأسهم “الجالينوس” فقتل منهم وأصاب، وفي يوم عمواس كان مقداما لا يهاب الموت، وهاجم الفرس وحده من خلفهم ثم كبر ثلاث تكبيرات ارتاع لها الفرس، فظنوا أن جيش الإسلام جاءهم من ورائهم.
وفي القادسية خرج هو وعمرو بن معد يكرب وقيس بن المكشوح للاستطلاع، فخاض في الماء يريد الوصول إلى معسكر رستم قائد الفرس، وهو يركب فرسا من خيلهم، وخرج الفرس في أثره، فقتل منهم اثنين من خيرة قادتهم وفرسانهم، ثم أسر الثالث وسار به حتى وصل معسكر المسلمين، فدخل على سعد فقال له سعد “ويحك ما وراءك؟” قال طليحة “أسرته فاستخبره فاستدعى سعد المترجم” فقال الأسير “أتؤمنني على دمي إن صدقتك؟” قال سعد “نعم” قال “أخبركم عن صاحبكم قبل أن أخبركم عمن قبلى” ثم راح يحدثهم عن بطولة وشجاعة طليحة النادرة، واختراقه معسكرا فيه ما فيه من الجنود والقادة، وشهد له بأنه يعدل ألف فارس، ثم أسلم هذا الأسير، وحسن إسلامه.
واستفاد منه المسلمون استفادة عظيمة نظرا لخبرته بمعسكر الفرس، وفى شجاعته فقد قال محمد بن سعد أنه كان طليحة يعد بألف فارس لشجاعته وشدته، وقال صاحب أسد الغابة أنه كان من أشجع العرب، وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما لقد اتهمنا ثلاثة نفر، فما رأينا كما هجمنا عليه من أمانتهم وزهدهم طليحة، وعمرو بن معد يكرب، وقيس بن المكشوح، وأما عن النعمان بن مقرن المزني فهو صحابي جليل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أمير قبيلة مزينة التي تسكن قريبا من المدينة المنورة، وهو النعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن ميجا بن هجير بن نصر بن حبشية بن كعب بن عبد بن ثور بن هذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عمرو، المزني.