الدكرورى يكتب عن طليحة بن
خويلد بن الأشتر ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثامن مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، وأما عن طليحة بن خويلد بن نوفل الأسدى فكان ممن شهد غزوة الخندق في صفوف المشركين، وقد أسلم سنة تسع، ثم ارتد وادعى النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه بعض القبائل في أرض نجد،إلا أنه هزم مع أتباعه على يد القائد خالد بن الوليد وأعلن توبته لله بعد ذلك وأسلم وحسن إسلامه، وقيل عنه أنه صاحب المهمات الخاصة في فترة الفتوحات الإسلامية، وقيل عنه أنه فارس بألف رجل، وكانت مواقفه قليلة في الإسلام ولكنها خالدة في كتب التاريخ، فهو خير مثال للجندي الذي ينفذ أوامر قيادته في الشدة مهما كانت المخاطر ومهما كلفته من متاعب وواجهته عقبات، هو الصحابي طليحة بن خويلد الأسدى، وفي معركة القادسية.
كان المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقاص وكان يواجهون الفرس وكان الفرس يتفوقون في العدد والعتاد، فأستمد سعد أى طلب المدد، من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما” لقد أمددتك بألفي رجل وهما عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد رضي الله عنهما، فشاورهما في الأمر ولا تولهما شيئا” وقبل بداية المعركة أرسل القائد سعد بن أبى وقاص سبعة رجال لاستكشاف أخبار الفرس وأمرهم أن يأسروا رجل من الفرس، وكان طليحة بن خويلد الأسدى من بين السبعة رجال الذى أرسلهم سعد بن أبى وقاص، وكان بمجرد خروج السبعة رجال تفاجئوا بجيش الفرس أمامهم، وكانوا يظنون أنه بعيد عنهم، فقالوا نعود إلا طليحة بن خويلد رفض العودة.
إلا بعد أن يتم المهمة التي كلفه بها سعد، وبالفعل عاد الستة رجال إلى جيش المسلمين، واتجه هذا البطل ليقتحم جيش الفرس وحده، وقد التف حول الجيش وتخير الأماكن التي فيها مستنقعات مياه وبدأ يمر منها حتى تجاوز مقدمة الجيش الفارسي المكونة من ثمانين ألف مقاتل، وقد أكمل طليحة الرحلة بتفاديه قلب الجيش الفارسي حتى وصل إلى خيمة بيضاء اللون وكبيرة وأمامها خيل من أجود أنواع الخيول فعلم أنها خيمة قائد الفرس رستم فانتظر حتى يأتى الليل لكي يُفاجئ الفرس في الليل، وعندما جاء الليل ذهب إلى الخيمة وقطع بسيفه حبالها وأطلق الخيل فوقعت الخيمة على من فيها وكان يقصد بذلك أن يُهين الفرس وقائدهم ويلقي بالرعب في قلوبهم، وعندما هرب بالخيل تبعه الفرس.
فكانوا عندما يقتربوا منه أسرع بالخيل وعندما يبتعد عنهم يبطأ حتى يلحقوا به لأنه يريد أن يستدرجهم كما أمره سعد بن أبي وقاص ولم يستطع اللحاق به إلا ثلاثة فرسان، وبعد أن أيقن طليحه أن ثلاثة فرسان فقط هم من يلحقوا به توقف وقرر مواجهتهم وعندها قتل أثنين منهم وأسر الثالث، ليذهب به إلى سعد بن أبي وقاص كما فعل كل هذا وحده ووضع الرمح في ظهره وجعله يجرى أمامه حتى وصل به إلى معسكر المسلمين، وحينما دخل طليحه ومع الأسير الفارسي على القائد سعد بن أبى وقاص قال الفارسي أمّني على دمي أصدققك القول فقال سعد له الأمان لك ونحن قوم صدق القول بشرط ألا تكذب علينا ثم قال له أخبرني عن جيشك، فقال الفارسي في ذهول أخبركم عن جيشي؟
بل سأخبركم عن رجلكم إن هذا الرجل ما رأينا مثله قط، لقد دخلت حروبا منذ نعومة أظافرى، ولم أجد رجلا تجاوز معسكرين لا يتجاوزهما جيوش، ثم قطع خيمة القائد وأخذ فرسه أي خيوله ثم أسلم ذلك الفارسى بعد ذلك، وقاتل طليحة في معركة نهاوند قتال الأبطال حتى نال الشهادة بعد حياة طويلة مليئة بالتوبة الصادقة، والبطولات النادرة نال طليحة الشهادة التي كان يتمناها لتغسل ما حصل منه يوم ارتد وادعى النبوة، فقاتل يوم نهاوند قتال الأبطال حتى قتل، ولقد كانت هناك شخصيات عديدة ادّعت النبوة قبيل وبعد وفاة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من بينهم طليحة بن خويلد الأسدى، والأسود العنسى، ومسيلمة بن حبيب الحنفى، وبلغ الأمر تنبؤ امرأة تدعى سجاح الكاهنة، وقد تزوجت من مسيلمة فيما بعد.