الدكرورى يكتب عن طليحة بن خويلد بن الأشتر ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع طليحة بن خويلد بن الأشتر، والثابت فى أكثر كتب التراث أن هذه الشخصيات زعمت لنفسها النبوة، ونسبت إليها نسجا ركيكا حاولوا من خلاله تقليد كلام الله تعالى، وأعادوا النظر فى بعض ما فرضه الإسلام، كما حدث مع مسيلمة، الذى منع السجود فى الصلاة، ثم رفع عن أتباعه صلاة الفجر والعشاء، فإن هناك اتهامات وسخريات كثيرة، تجدها فى كتب التراث من هذه الشخصيات، وهو أمر طبيعى فى ضوء الاتجاه نحو تشويه وتقبيح ما أتته من أفعال، وكتب التراث ذاتها تذكر أن هؤلاء المرتدين كانوا يصفون أنفسهم بالمسلمين، ما يعنى أن الصراع فى جوهره شكل امتدادا لأحداث السقيفة التى شهدت صراعا مكيا و مدنيا، على الحكم.
والواضح أن الكثير من القبائل العربية لم ترضى عن النتيجة التى تمخضت عنها مفاوضات السقيفة بتولية أبى بكر الصديق رضى الله عنه وجعل الحكم حكرا على قريش فاندلع هذا التمرد السياسى الكبير الذى دمغت كتب التراث رموزه بادعاء النبوة، فيجب على المسلم أن يتأكد ويتيقن أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين، وأن رسالته هى خاتمة الرسالات، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة الأحزاب ” ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما ” وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين” فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم.
ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون” وفي صحيح مسلم أيضا قال صلى الله عليه وسلم” إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد” وفي رواية أخرى يقول صلى الله عليه وسلم “والعاقب الذي ليس بعده نبى” وقوله صلى الله عليه وسلم “يحشر الناس على قدمي” وفي رواية “على عقبى” أي يحشرون على أثرى وزمان نبوتي ورسالتي، وليس بعدي نبي، وقيل أي يتبعوننى، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى”
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وقد أجمع المسلمون على ذلك، فمن ادعى النبوة فهو كافر مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الكذابين فقال ” لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله” رواه البخارى ومسلم، وفي مسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم ” في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدى” فما أعظم جرم الكذب على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى كما جاء فى سورة النحل ” ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم”
وقد قاتل الصحابة رضي الله عنهم من ادعى النبوة بعد وفاة النب الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح، ويقول الله تعالى” لا جرم أن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون” ولا جرم أن شر هولاء إجراما هم المتنبئون، ويقول أيضا كما جاء فى سورة الأنعام ” ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله” ولو كان عند هؤلاء مسكة من عقل، أو ذرة من نور، لعلموا أن دعوى النبوة أو تصديقها بعد خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، هو الخبال كل الخبال، والنكال الذي ليس وراءه نكال وكفى به جرما وخبالا أنه اتهام لأحكم الحاكمين في اختياره واصطفائه من يشاء من عباده.