الدكرورى يكتب عن الصحابي سعيد بن زيد
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الصحابي سعيد بن زيد
الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه هو من المبشرين العشرة بالجنة، ومن الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي، ولد في مكة قبل الهجرة بـاثنين وعشرين سنة، وقد كان رضى الله عنه من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم بن أبي الأرقم، وقد دعاه أبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى الإسلام، فسارع إليه في لهفة وشوق، وكان من أوائل المسلمين، وقد شهد الصحابى سعيد بن زيد رضى الله عنه المشاهد كلها بعد بدر مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كذلك أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان قد أرسله أثناء الغزوة لملاحقة عير قريش.
وتزوج الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضى الله عنه من السيدة فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، وهي أخت الخليفة عمر بن الخطاب فى مكه، كذلك فقد تزوج عمر بن الخطاب من السيدة عاتكة بن زيد أخت سعيد، وكان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل، من الأحناف في الجاهلية ، فلم يسجد لغير الله في جاهليته، وقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابى سعيد بن زيد بالجنة، فعن عبدالرحمن بن عوف رضى الله عنه عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة ” رواه احمد والترمذى .
وقد روى الترمذي رحمه الله تعالى في سننه إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال أشهد على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم، قيل وكيف ذلك؟ قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء، فقال اثبت حراء، فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد، قيل ومن هم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمن بن عوف” قيل فمن العاشر ؟ قال أنا” وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يستشيره مع نفر من الصحابة في خلافته في الأمور العامة، فقد استشاره فيمن يستخلف على المسلمين بعد موته، بل إن سعيدا قد كان يشير على المسلمين ابتداءا، إذا رأى أمرا يظن أن الصواب بجانبه، فقد أشار عليه بالتريث في إرسال جيش أسامة .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضا يستشيره ويستفتيه في نفر من الصحابة، وهو من سادات الصحابة رضوان الله عليهم، وكان ينفر من الإمارة، زاهدا فيها، وقد اختاره ابو عبيدة بن الجراح أميرا على دمشق، فاستعفى أبا عبيدة ليلتحق بالجيش، يجاهد مع المجاهدين ويقاتل أعداء هذا الدين، وكان سعيد بن زيد رضي الله عنه مستجاب الدعوة، فقد ادّعت عليه امرأة تدعى أروى بنت أويس مرة أنه ظلمها واعتدى على ملكها، ورفعت فيه إلى مروان بن الحكم وهو والي المدينة حينها، فنفى سعيد ذلك عن نفسه، وأراد أن تظهر براءته من هذا الفعل أمام المسلمين، فدعا الله عز وجل وقال ” اللهم إن كانت عليّ كاذبة فاعمي بصرها، واقتلها في أرضها، وأظهر لي نورا مُبينا للمسلمين ” فشاء الله تعالى أن تموت تلك المرأة بوقوعها في حفرة في أرضها بينما هي تمشي،
وقد شهد سعيد بن زيد رضى الله عنه معركة اليرموك وحصار دمشق وفتحها، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعين حديثا، وكان رضي الله عنه يحسبون له كل حساب، ويقدرون فضله ووزنه، فكانوا يحرصون على أخذ البيعة منه أولا، لثقة الناس به، فكانوا يقتدون به وبديته، فإذا بايع أميرا من الامراء هرع الناس إلى مبايعته، وإذا امتنع عن البيعة، امتنع معه كثير من الناس، فقد ورد في فضل سعيد بن زيد أن معاوية أمر مروان بن الحكم بأخذ البيعة لابنه يزيد من أهل المدينة لولاية العهد، إلا أنه تريث قليلا في ذلك، فسأله بعضهم عن سبب تأخره فقال حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع فإنه سيد أهل البلد، وإذا بايع بايعوا .
وقد أوذي رضي الله عنه في سبيل الله إيذاء كبيرا، ومنه ما وقع عليه من عذاب عمر بن الخطاب قبل إسلامه، حيث كان يوثقه ويعذبه عذابا كبيرا حتى يرجع عن إسلامه، وقد ولاه أبو عبيدة بن الجراح نيابة دمشق بعد أن فتحها، وأما عن مواقفه في ميادين القتال والجهاد فقد كانت حازمة مشرفة، وقد أشار خالد بن الوليد يوم معركة اليرموك بأن يكون سعيد بن زيد في قلب صفوف المسلمين، فكانت له اليد البيضاء في تلك المعركة، وقيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما اختار الأحياء المبشرين بالجنة ليختاروا من بينهم خليفة للمسلمين، وبايعه المسلمون، لم يذكر من بينهم سعيد بن زيد، ورسول الله توفي وهو راض عنه، لكن إغفال عمر بن الخطاب لسعيد لم يكن لعدم كفاءته وعجزه، وإنما كان لأمر آخر.
فقد جاء في هذا الأمر أنه لم يكن سعيد متأخرا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة، وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة خط، لأنه ختنه وابن عمه، ولو ذكره في أهل الشورى لقال رافضي “حابى ابن عمه، فأخرج منها ولده وعصيته فكذلك فليكن العمل لله، وأما موته رضي الله عنه فقد كان سنة واحد وخمسين للهجرة، وعمره حينها بضعة وسبعون عاما، وقد توفي في قصره بالعقيق، إلا أنه حُمل إلى المدينة ودُفن فيها بعد أن صلى عليه المسلمون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.