الدكرورى يكتب عن عقبه بن عامر الجهني ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع عقبه بن عامر الجهني، وفي عهد الخليفة أبو بكر الصديق فقد خرج عقبة إلى فتوح الشام، وفي عهد عمر بن الخطاب كان البشير إلى المدينة بفتح دمشق، ثم وقف مع معاوية بن أبي سفيان أيام الفتنة، وقد ولاه معاوية بن أبى سفيان مصر، خلفا لأخيه عتبة بن أبي سفيان، فسار فيها أحسن سيرة حتى بعثه معاوية لفتح رودس، وبعث مسلمة بن مخلد الأنصاري خلفا له على مصر، ودامت ولاية عقبة على مصر سنتين وثلاثة أشهر، ثم شارك بعد ذلك في حصار القسطنطينية تحت إمرة يزيد بن معاوية، ولما مرض عقبة بن عامر مرض الموت الذى مات فيه، فقيل أنه جمع بنيه فأوصاهم فقال لهم يا بنى أنهاكم عن ثلاث فاحتفظوا بهن؟
“لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة، ولا تستدينوا ولو لبستم العباء وهو كساء مفتوح من الأمام، ولا تكتبوا شعرا فتشغلوا له قلوبكم عن القرآن، وتوفي عقبة بن عامر سنة ثمانى وخمسين من الهجرة ودُفن بجبانة المقطم بالقاهرة، وقبره معروف ومشهور، وكان أوصى قبل موته بسبعين فرس بجعابها ونبالها في سبيل الله، وقد روى عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة وخمسين حديثا، أكثرها رواها عنه المصريون، ولقد كان عقبة بن عامر وقبيلة جهينة في طلائع الجيش العربي الإسلامي الذي انطلق لفتح الشام في شهر صفر فى العام الثالث عشر هجرية، وقال ابن سعد فلمّا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ندب الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه، إلى الشام فخرج عقبة بن عامر فشهد فتوح الشام، وكان عقبة بن عامر وقبيلته في الجيش الرابع الذي تولى قيادته عمرو بن العاص في فتح غزة ومناطق من فلسطين ثم اجتمعت الجيوش الأربعة في موقعة اليرموك وغيرها، وفي فتح دمشق في شهر رجب فى العام الرابع عشر من الهجرة، كان عقبة بن عامر أحد الصحابة الذين تسلموا ودخلوا مدينة دمشق يوم افتتاحها، وقال ابن حجر، وشهد عقبة بن عامر الفتوح، وكان هو البريد إلى عمر بفتح دمشق، وكان لعقبة بن عامر إسهاما وافرا في الفتح العربي الإسلامي لمصر بمعية عمرو بن العاص، وقد كان له دور بارز في فتوح البهنسا في صعيد مصر وجنوبها.
وقال الواقدي كان في القلب أى قلب الجيش، عمرو وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر الجهني وبقية الصحابة من الأمراء أصحاب الرايات ممن شهد الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عقبة بن عامر من أمراء وقادة الجيش العربي الإسلامي في محاربة البطريرك بطليموس ومن معه من الروم في دهشور ومدينة البهنسا، قال الواقدي حدثنا عبد الله بن عون قال، حدثنا جابر بن سنان عن عقبة بن عامر، قال كان الروم والنصارى من أعلى السور يرمون بالحجارة والسهام ولقيت المسلمون من عدو الله البطليوس أمرا عظيما لم يروا قبله مثله وكان أول من وصل إليهم البطليوس، فصبرت له المسلمون صبر الكرام.
وكان عقبة بن عامر على رأس القوة الإسلامية في باب القندس بمدينة البهنسا، ومن اقتحام باب القندس بدء الفتح الذي تتوج بفتح تلك المدينة وسقوط آخر معقل روماني، ورفرفت راية الإسلام في صعيد مصر، وكان ذلك في آخر خلافة عمر بن الخطاب، وكان عقبة مع عمرو بن العاص لما افتتح الفسطاط، ثم وجه عمرو بن العاص، عقبة بن عامر، إلى سائر قرى أسفل الأرض، فغلب على أرضها وصالح أهل قراها على مثل صلح الفسطاط، وقد روى عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة وخمسين حديثا، أكثرها رواها عنه المصريون، وهكذا كان عقبة بن عامر، هو الامام الإمير والمقرئ الجهني القبيلة، المصري المسكن والوفاة.