الدكرورى يكتب عن خولة بنت ثعلبة ” جزء 1″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
خولة بنت ثعلبة ” جزء 1″
السيدة خولة بنت ثعلبة، وهى خويلة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة، الخزرجية، وهى من ربات الفصاحة والبلاغة والجمال وصاحبة النسب الرفيع، وقد أسلمت وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت، وقد نزل فيهما الآيات الأربعة الأولى من سورة المجادلة، وسميت السورة بذلك، لأنها افتتحت بقضية مجادلة امرأة أوس بن الصامت لدى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن مظاهرة زوجها، وكان زوجها أوس بن الصامت، وهو صحابي من بني غنم بن عوف من الخزرج، أسلم وآخى النبي صلى الله عليه وسلم، بينه وبين مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، المشاهد كلها، وكان مرثد بن أبي مرثد الغنوي هو صحابي بدري، شهد غزوتي بدر وأحد.
وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم، سنة أربعه من الهجره، قائدا لسرية قتل فيها، وكان هو وأبيه حليفين لحمزة بن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم، وكان من أهم ملامح شخصيتها، هو التقوى والخوف من الله وتحري الأحكام الشرعية، ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعها، ففي ذات يوم حدث حادث بين الزوجين السعيدين شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه، فقال لها أوس أنت عليّ كظهر أمي، فقالت والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغه، ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه، وبذلك القسم يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا اللذين كانا ينعمان بهما، وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد التفكير العميق الذي دار في رأس خولة، قررت أن تذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف لا وهي تعيش في مدينته.
وهي قريبة منه وبجواره، وعندما ذهبت إليه وروت المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دوما في السابق، ويلتم شمل الأسرة السعيدة، وكان من أهم ملامح شخصيتها أيضا، هو الجرأة في الحق، ونرى ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقد خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه، من المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام، وقالت هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت.
فقال الجارود قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين، فقال عمر دعها، أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت، التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها، وكان من أهم ملامح شخصيتها أيضا، هو بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها، وقد تبين ذلك من خلال موقفها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها، وتبيينها سلبيات هذا التفريق على الأولاد والبيت، وكان لخولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، حوار قد تجلى فيه قمة التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، والمراقبة والخوف من الله عز وجل، وهو ما كان يهدف الوصول إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حوار الظهار، وعن خولة بنت ثعلبة قالت فيّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة.
قالت كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، قالت فدخل عليّ يوما، فراجعته بشيء فغضب فقال أنت عليّ كظهر أمي، قالت ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني عن نفسي، قالت قلت كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت فواثبني فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابا، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، فقد خرجت خولة حتى جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر.