الدكرورى يكتب عن جبير بن مطعم
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
جبير بن مطعم
هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي شيخ قريش في زمانه، وأمه هي أم حبيب، وقيل أم جميل بنت سعيد، من بني عامر بن لؤي، وقيل أم جميل بنت شعبة بن عبد الله ، وهو أبو محمد، ويقال أبو عدي القرشي النوفلي ابن عم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ابن المطعم بن عدي الذي هو من الطلقاء الذين حسن إسلامهم، وقد قدم المدينة في فداء الأسارى من قومه، وكان موصوفا بالحلم، ونبل الرأي كأبيه، وهو الصحابي الجليل جبير بن مطعم الذى حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ من سورة الطور “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون” فيقول عندما سمعت هذه الآيات كاد قلبي يطير، وكان أبوه هو الذي قام في نقض صحيفة القطيعة، فى حصار النبى صلى الله عليه وسلم، والمسلمين فى شعب أبى طالب.
وكان يحنو على أهل الشعب، ويصلهم في السر، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ” لو كان المطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له” وهو الذي أجار النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من الطائف حتى طاف بعمرة، ثم كان ابنه جبير شريفا مطاعا، وفى قصة إسلامه أنه جاء يفاوض في اسرى بدر لما لأبيه من مكانة عند النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن أباه مطعم بن عدي أجار النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم من الطائف، فحفظ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الجميل فقال في أسرى بدر لو كان المطعم حيا وكلمني فيهم لتركتهم له فجاء ابنه جبير بن مطعم ، للنبي صلى الله عليه وسلم يفاوضه في أسرى بدر، فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي المغرب ويؤم الناس في مسجده ويقرأ بسورة الطور.
حتى إذا بلغ قول الله تعالى “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون” سورة الطور، فيقول جبير كاد قلبي يطير حين سمعتها ووقر الإيمان في قلبي، وعن جبير بن مطعم قال كنت أكره أذى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ظننا أنهم سيقتلونه لحقت بدير من الديارات، فذهب أهل الدير إلى رأسهم، فأخبروه، فاجتمعت به، فقصصت عليه أمري، فقال تخاف أن يقتلوه؟ قلت نعم، قال وتعرف شبهه لو رأيته مصورا، قلت نعم، قال فأراه صورة مغطاة كأنها هو، وقال والله لا يقتلوه، ولنقتلن من يريد قتله، وإنه لنبي، فمكثت عندهم حينا، وعدت إلى مكة، وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فتنكر لي أهل مكة، وقالوا هلم أموال الصبية التي عندك استودعها أبوك.
فقلت ما كنت لأفعل حتى تفرقوا بين رأسي وجسدي، ولكن دعوني أذهب فأدفعها إليهم، فقالوا إن عليك عهد الله وميثاقه أن لا تأكل من طعامه، فقدمت المدينة، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فدخلت عليه، فقال لي فيما يقول ” إني لأراك جائعا هلموا طعاما ” قلت لا آكل خبزك، فإن رأيت أن آكل أكلت، وحدثته، قال ” فأوف بعهدك” وعن بن أبي بكرالصديق أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم، فأعطى جبير بن مطعم مائة من الإبل، وقال مصعب بن عبد الله كان جبير من حلماء قريش وسادتهم، وكان يؤخذ عنه النسب، وقد روي عنه أنه وفد على معاوية بن أبي سفيان، في أيامه الأخيرة، ومن محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام، فقد رق قلبه لداعي الهدى، فكانتا تسيران معه.
حتى هداه الله للإسلام، دين الله بطواعية، منشرحا بذلك صدره، وبحسن استجابة، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأحاديث فروى عنه بعض التابعين، وقيل أنه، لما قدم على عمر بسيف النعمان بن المنذر، دعا جبير بن مطعم بن عدي فسلحه إياه، وكان جبير أنسب العرب للعرب” وكان يقول “إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق، وكان أبو بكر أنسب العرب” وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن جبير بن مطعم تزوج امرأة ، فسمى لها صداقها، ثم طلقها قبل الدخول، فتلا هذه الآية الكريمة “إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فقال أنا أحق بالعفو منها” فسلم إليها الصداق كاملا، وقد احتكم عثمان وطلحة في مسألة من مسائل البيوع إلى جبير بن مطعم، فحكم بأن الخيار لأحدهما، ذلك أن عثمان باع من طلحة أرضا بالكوفة.
فقال لعثمان إنك قد غبنت، فقال عثمان، بل لي الخيار، لأني اشتريت ما لم أرى، فحكما بينهما جُبير بن مُطعم، فقضى أن الخيار لطلحة لا لعثمان، فرضيا بحكمه، وتوفي جبير بن مطعم سنة تسع وخمسين وقال المدائني سنة ثمان وخمسين، فرضي الله عن جُبير بن مُطعم فقد كان فقيها حليما، حباه الله عقلا راجحا، وعلما نافعا.