الدكرورى يكتب عن عاصم بن عمر بن الخطاب
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
عاصم بن عمر بن الخطاب
الفقيه، الشريف، أبو عمرو القرشي العدوي، التابعي ابن الفاروق عمر بن الخطاب، من بني عدي من قريش من كنانة، وهو عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكان طويلا جسيما حتى قيل أنه كان ذراعه ذراعا ونحوا من شبر، وكان من نبلاء الرجال، دينا، خيرا، صالحا، وكان بليغا، فصيحا، شاعرا، وهو جد الخليفة عمر بن عبد العزيز لأمه.
وأمه هي السيدة جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصارية أخت عاصم بن ثابت، وقد ولد في عهد الرسول، ويعد من كبار التابعين، فهو القرشي العدوي، وقد ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه قد طلق أبوه أمه فأخذته جدته الشموس بنت أبي عامر، ثم أتى به الصديق وقال شمها ولطفها أحب إليه منك، ثم لما زوجه أبوه في أيام إمارته، أنفق عليه من بيت المال شهرا، ثم كف عن الإنفاق عليه، وأعطاه من ماله، وأمره أن يتجر وينفق على عياله.
وذكر غير واحد أنه كان بين عاصم وبين الحسن والحسين منازعة في أرض، فلما تبين عاصم من الحسن الغضب، قال هي لك، فقال له بل هي لك، فتركاها ولم يتعرضا لها، ولا أحد من ذريتهما حتى أخذها الناس من كل جانب، وكان عاصم رئيسا وقورا، كريما فاضلا، وقيل أن المسلمين شكو للخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه من غشّ بائعى اللبن بالماء، فأمر أحد رجاله بأن ينادى فى بائعى اللبن بألا يغشوا اللبن، فدخل المنادى إلى السوق ونادى “يا بائعى اللبن لا تشُوبوا اللبن بالماء، فتغشّوا المسلمين.
ومن يفعل فسوف يعاقبه أمير المؤمنين عقابا شديدا، وفى ذات ليلة خرج الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، مع خادمه ويسمى أسلم، ليتفقد أحوال المسلمين فى جوف الليل، وفى إحدى الطرق جلس ليستريح من التجوال إلى جانب أحد الجدران، فإذا به يسمع امرأة تقول قومى إلى ذلك اللبن فامذقيه، أى اخلطيه، بالماء، فقالت الابنة يا أماه، وما علمتي ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت الأم وما كان من عزمته؟ قالت إنه أمر مناديا فنادى لا يُشاب اللبن بالماء.
فقالت الأم يا بُنيّتى، قومى إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك فى موضع لا يراكي فية عمر، ولا منادى عمر، فقالت الصبيّة والله ما كنت لأطيعه فى الملأ وأعصيه فى الخلاء، إن كان عمر لا يرانا، فرب أمير المؤمنين يرانا، فلما سمع عمر بن الخطاب ذلك أعجب بالفتاة لمراقبتها وخشيتها لله، وقال يا أسلم، حدّد الباب بعلامة، واعرف الموضع، ثم مضى، فلما أصبح قال يا أسلم، امضي إلى الموضع فانظر من القائلة؟ ومن المقول لها؟ وهل لهما من بعل أى زوج، فذهب أسلم إلى المكان، فوجد امرأة عجوزا، وابنتها أم عمارة.
وعلم أن ليس لهما رجل، ثم عاد فأخبر عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب أولاده، فقال هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه، ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية، فقال عبد الله بن عمر لى زوجة، وقال أخوه عبد الرحمن لى زوجة، وقال ثالثهما عاصم يا أبتاه لا زوجة لى فزوجنى، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنت، ولدت هذه البنت ابنة صارت أما لعمر بن عبد العزيز، خامس الخلفاء الراشدين رضى الله عنه، إنها أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفى.
فأكرمها الله فى الدنيا بزواجها من ابن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وجعل من نسلها أميرا للمؤمنين هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فكان لعاصم بن عمر، بنت اسمها ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب تزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية وقد ولي عهد الخليفة عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ولكنة توفي في مصر قبل أن يتولاها فأخذ ولاية العهد الوليد بن عبد الملك، وأنجب الأمير عبد العزيز من ليلى بنت عاصم الخليفة عمر بن عبد العزيز.
وقال عنه ابن حبان عاصم بن عمر بن الخطاب أبو حفص، من عقلاء قريش وعبادة التابعين، وكان طويلا، كما كان من أحسن الناس خُلقا، وكان شاعرا بليغا عابدا فقيها، وعن أحمد بن سليمان عن الزبير قال لما ماتت رقية بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند إبراهيم بن نعيم بن عبد الله فدُفنت بالبقيع، انصرف به عاصم إلى منزله فأخرج له ابنتيه حفصة وأم عاصم فقال له اختر أيهما شئت فإنا لا نحب أن يتقطع صهرك منا قال إبراهيم أن أم عاصم أجمل المرأتين فتجاوزت عنها.
وقلت يصيب بها أبوها رغبة من بعض الملوك لما رأيت من جمالها وتزوجت حفصة، فتزوج عبد ا لعزيز بن مروان بن الحكم أم عاصم فولدت له عمر بن عبد العزيز وإخوة له، ثم هلكت عنده وهلك إبراهيم بن نعيم عن حفصة بنت عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان بعد مهلك أم عاصم بنت عاصم وحُملت إليه بمصر وكان بأيلة إنسان به خبل يقال له شر شمير، فكانت أم عاصم مرّت به فتعرّض لها فأعطته وأحسنت إليه، ثم مرت به بعدها حفصة بنت عاصم فتعرض لها فلم ترفع إليه رأسا.
فسئل أين حفصة من أم عاصم فقال ليست حفصة من رجال أم عاصم، وهكذا كانت خيرة مُحسنة أما مُربية أخرجت لنا سيدا من سادات البكائين الخليفة عمر بن عبد العزيز، ومما جاء في ذلك عن أبي قَبيل أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير قد جمع القرآن، فأرسلت إليه أمه فقالت ما يبكيك؟ قال ذكر الموت، فبكت أمه من ذلك، وعن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت القاسم بن محمد يقول كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها.
فجاء عمر قباء، فوجد ابنه عاصم يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام، فنازعته إِيّاه حتى أتيا أبا بكر الصديق، فقال عمر ابني، وقالت المرأة ابني، فقال أبو بكر خلي بينها وبينه، بمعني اعطها الغلام يا عمر قال فما راجعه عمر الكلام، وكان الغلام له يومئذ ثمان سنين، وقيل أربع سنين، وقال ابن حبان مات عاصم بن عمر بن الخطاب بالربذة وأرخه الواقدي ومن تبعه سنة سبعين وقال مطين سنة ثلاث وسبعين من الهجره .