العباس بن عبد المطلب ” حزء 1″ 

الدكرورى يكتب عن العباس بن عبد المطلب ” حزء 1″ 

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

العباس بن عبد المطلب ” حزء 1″

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويكنى أبا الفضل، والعباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، كان جميلا، أبيض، وكان من أطول الرجال، وأحسنهم صورة، وأبهاهم، وقد ولد في مكة قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين أو ثلاثة، وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب، وهي أول من كسا الكعبة الحرير والديباج، وذلك أن العباس رضى الله عنه ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فوجدته ففعلت، وله أحد عشر أخا، وست أخوات، وقد ولد للعباس عشرة من الذكور ما عدا الإناث، وزوجته هى السيدة أم الفضل، وهي لبابة الكبرى بنت الحارث، وهي أخت السيدة ميمونة بنت الحارث زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.

وكان للعباس أيضا من الولد من غير أم الفضل، كثير، وتمام، وصفية، وأميمة، وأمهم أم ولد، أي جارية تباع وتشترى، والحارث، وأمه حجيلة بنت جندب بن الربيع، فكان للعباس من الولد عشرة ذكور، سوى الإناث، وكان العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه في الجاهلية رئيسا في قريش، وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، فأما السقاية فكان هو المسؤول عن سِقاية الحجاج والمعتمرين لبيت الله الحرام، وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يسب في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هجرا، أي كلاما قبيحا، لأن أشراف قريش قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك، فكانوا له أعوانا عليه، وسلموا ذلك إليه، فكانت السقاية لبني هاشم، وكان أبو طالب يتولاها، فلما اشتد الفقر بأبي طالب، أسند السقاية إلى أخيه العباس.

وكان من أكثر قريش مالا، فقام بها، وعليه كانت عمارة المسجد، وكان نديمه في الجاهلية أبا سفيان بن حرب، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية، وأخرج إلى بدر مكرها مثل غيره من بني هاشم، فأسر وشد وثاقه، وسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ولم ينم، فقالوا ما يسهرك يا نبي الله؟ قال “أسهر لأنين العباس” فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك بالأسرى كلهم، وفدى العباس نفسه وابني أخيه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفه عتبة بن عمرو، وكان أكثر الأسارى يوم بدر فداء، لأنه كان رجلا موسرا، فافتدى نفسه بمائة أوقية من ذهب، وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال كان الذي أسر العباس بن عبد المطلب هو أبو اليسر، كعب بن عمرو أخو بني سلمة.

وكان أبو اليسر رجلا ضعيف الجسم، وكان العباس رجلا جسيما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اليسر كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال يا رسول الله، لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل، هيئته كذا وهيئته كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لقد أعانك عليه مَلك كريم ” ولم يعلن العباس رضى الله عنه إسلامه إلا عام الفتح، ويقول أبو رافع خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم “كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يكتم إسلامه” فكان العباس رضى الله عنه إذن مسلما قبل غزوة بدر، وكان مقامه بمكة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه خُطة أدت غايتها على خير نسق، وكانت قريش دوما تشك في نوايا العباس رضى الله عنه.

ولكنها لم تجد عليه سبيلا، كما ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر العباس رضى الله عنه بالبقاء في مكة، وفي بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحج وفد الأنصار، ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان، ليعطوا الله ورسوله بيعتهم، وليتفقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم على الهجرة إلى المدينة، أنهى النبي صلى الله عليه وسلم نبأ هذا الوفد إلى عمه العباس رضى الله عنه، فقد كان يثق بعمه في رأيه كله، فلما اجتمعوا كان العباس رضى الله عنه أول المتحدثين فقال يا معشر الخزرج، إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك.