الدكرورى يكتب عن ثابت بن قيس بن شماس “جزء 1”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
كان خطيب النبي صلى الله
عليه وسلم، وخطيب الأنصار،
وهو أحد الذين دعا لهم النبى
صلى الله عليه وسلم، وبشرهم
بالجنة في أكثر من موضع،
وكان يضرب به المثل في
الإيثار والشجاعة والإقدام،
وكان أحد السابقين إلى الإسلام
في المدينة، إذ ما كاد يستمع
إلى آيات الذكر الحكيم يرتلها
سفير الإسلام مصعب بن عمير
بصوته الشجي وجرسه الندي
لما أرسله النبي صلى الله عليه
وسلم إلى المدينة يعلم
المسلمين، حتى أسر القرآن
الكريم سمعه بحلاوة وقعه،
وملك قلبه برائع بيانه، فشرح
الله تعالى صدره للإيمان
وأسلم، وكان هذا الصحابى
جهير الصوت، خطيبا، بليغا
تخرج من فمه الكلمات قوية، صادعة جامعة.
وقد خطب هى الصحابى عند
مقدم رسول الله صلى الله
عليه وسلم المدينة، فقال
نمنعك مما نمنع منه أنفسنا
وأولادنا، فما لنا؟ قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ”
الجنه” فقال رضينا، وقيل إن
الرسول صلى الله عليه وسلم،
آخي بينه وبين عمار بن ياسر،
وقد اتخذه الرسول صلى الله
عليه وسلم خطيبا، ويروى أنه
في عام الوفود قدم وفد تميم
على الرسول صلى الله عليه
وسلم وبينهم عبدالله بن عبس
اليماني ومسلمة بن هاران
الحمداني بعد فتح مكة،
وافتخر خطيبهم بأمور، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم له ”
قم فأجب خطيبهم ” فقام
فحمد الله وأبلغ، وسر رسول
الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمون بمقامه، فأسلموا،
وبايعوا على قومهم.
وكتب لهم كتابا بما فرض
عليهم من الصدقة في أموالهم،
وكتبه هذا الصحابى، وقد شهد
فيه سعد بن معاذ ومحمد بن
مسلمة رضي الله عنهم، فكان
هو أحد كتاب القرآن الذين
يدونون القرآن الكريم في حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم،
وكان من أحرص الناس على
حفظ القرآن، كما كان ممن
جمعوا القرآن على عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم، ولقد كان
لله تعالى، أقوام يجعلهم جنده
الذين ينصرون دينه، فيقومون
به وينصرونه بقوة الله تعالى،
ومن تلك الأقوام كان الأنصار
الذين ناصروا رسول الله صلى
الله عليه وسلم، والأنصار هم
سكان المدينة المنورة الأصليين
الذي هاجر إليهم النبي صلى
الله عليه وسلم، حين خرج من
وطنه مكة المكرمة.
فقال فيهم الله تعالى في القرآن
الكريم في سورة الحشر ”
والذين تبوءوا الدار والإيمان
من قبلهم يحبون من هاجر
إليهم ولا يجدون فى صدورهم
حاجة مما أوتوا ويؤثرون على
أنفسهم ولو كان بهم خصاصه، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ” ولقد كانت مناقب الصحابي الجليل قيس بن ثابت كانت متعددة ومنها أنه لم يحمل رضي الله عنه إلا القلب، الخاشع، المخبت، كما عُرف عنه الخشية والخوف من كل ما يُغضب الله عزَ وجل، وإذا به في يوم من الأيام يقول للنبى صلَي الله عليه وسلم عن خشيته بأنه قد هلك، وكان يرى أنه يحب أشياء قد نهى الله عن حبها، ومثال على ذلك حب أن يُحمد بما لا يفعل، وحب الخُيلاء فطمأنه النبي صلَي الله عليه وسلم وبشره البشرى العظيمة بالشهادة والجنة.
وكان الصحابي الجليل لم يخف يوما أن كان يبحث عن الشهادة في مظانها، ففي كل غزوة يغزوها يقول في نفسه لعلي أنال الشهادة هنا، وظل هكذا متلهف شوقا لهذا اليوم الذي يلقى فيه الله عزَ وجل شهيدا في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله، وقد أمل هذا الصحابي الجليل في الشهادة فتحقق عندما جاءت حرب الردة التي كان فيها حاملا للواء الأنصار، وكانت الدولة الإسلامية فيها ضد مسيلمة الكذاب في عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، إنه الصحابى الجليل ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث وينتهي نسبة إلى الخزرج، وكنيته أبومحمد، وقيل أبوعبد الرحمن.