الجزء الثانى مع ثابت بن قيس بن شماس

الدكرورى يكتب عن ثابت بن قيس بن شماس “جزء 2”

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع ثابت بن قيس بن شماس، وعن محمد بن جرير بن يزيد أن أشياخ أهل المدينة حدثوه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له، ألم تر أن ثابت بن قيس بن شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟ قال صلى الله عليه وسلم ” فلعله قرأ سورة البقرة ” فسئل ثابت، فقال قرأت سورة البقرة، وقد اشتهر ثابت بالورع والكرم والزهد والتقوى والشجاعة وشدة حبه للرسول صلى الله عليه وسلم وكان لفضله ومناقبه بشره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بالجنة، وعن أبي قاسم الطبراني بسنده عن عطاء الخراساني قال، قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني بحديث ثابت بن قيس بن شماس، فأرشدوني إلى ابنته فسألتها.

 

فقالت، سمعت أبي يقول لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سورة لقمان “إن الله لا يحب كل مختال فخور” اشتدت على ثابت بن قيس وأغلق عليه بابه، وظل يبكي فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فأخبره بما كبر عليه منها، فقال أنا رجل أحب الجمال وأنا أسود قومي، فقال صلى الله عليه وسلم “إنك لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير، ويدخلك الله الجنة” وكان ثابت من نجباء صحابة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، المقربين في مجلسه يتفقده إذا غاب ويسأل عنه، ويعوده في مرضه ويدعو له، ويروى أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، دخل على ثابت بن قيس وهو مريض.

 

فقال صلى الله عليه وسلم “اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس” ثم أخذ ترابا فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء وصبه عليه، وقد عرف ثابت بن قيس بالإيثار وحب الإنفاق في سبيل الله، ويحكى أن رجلا من المسلمين مكث صائما ثلاثة أيام يمسي فلا يجد ما يفطر فيصبح صائما حتى فطن له ثابت بن قيس، فقال لأهله إني سأجيء الليلة بضيف لي، فإذا وضعتم طعامكم، فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فيطفئه، ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا، فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم، فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته، ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون.

 

حتى شبع ضيفهم، وإنما كان طعامهم هو قوتهم، فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” يا ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم ” فنزلت هذه الآية الكريمة فى سوة الحشر ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” وقد ظهرت بسالته وإقدامه في الجهاد في سبيل الله، فقد شهد أحدا وجميع المشاهد والغزوات بعدها وبيعة الرضوان، وكانت فدائيته من طراز فريد تجلت عندما استنفر أبوبكر الصديق المسلمين إلى أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب، وكان ثابت بن قيس في الصفوف الأولى وطليعة المسلمين، فلما لقوا مسيلمة وبني حذيفة تراجع المسلمون ثلاث مرات.

 

فقال ثابت ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل لنفسه حفرة فدخل فيها فقاتل حتى قتل، وفي رواية عن أنس بن مالك قال كنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف من الناس، فجاء ثابت وقد تحنط ولبس كفنه، وقال ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ما عودتم أقرانكم، فقاتل حتى قتل، وكان فى طليعة المسلمين في شهيد الصفوف الأولى وقد استشهد ثابت بن قيس رحمه الله، يوم اليمامة في خلافة أبي بكر فى السنة الثانيه عشر هجرية، وأوصى بعد موته وجازت وصيته، فقد روي أنه بعد استشهاده مر به أحد المسلمين حديثي العهد بالإسلام.