الدكرورى يكتب عن ثابت بن قيس بن شماس “جزء 4”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع ثابت بن قيس بن شماس، ولقد كان هذا الصحابي الجليل قد جمعته بالرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مواقف عديدة منها ما جري في عام الوفود حيث قدم وفد تميم، فتفاخر خطيبهم بأمور، فأمر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ثابت بن قيس بأن يجيبه، فقام وخطب خطبة سرّت النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، كما أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث روى أبو هريرة رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس” وكان الصحابي الجليل ثابت بن قيس كانت له مناقب متعددة ومنها أنه لم يحمل رضي الله عنه إلا القلب، الخاشع، المخبت.
وكما عُرف عنه الخشية والخوف من كل ما يغضب الله عز وجل، وإذا به في يوم من الأيام يقول للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن خشيته بأنه قد هلك، وكان يرى أنه يحب أشياء قد نهى الله عن حبها، ومثال على ذلك حب أن يُحمد بما لا يفعل، وحب الخُيلاء فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم وبشره البشرى العظيمة بالشهادة والجنة، ولم يخف يوما ثابت بن قيس أن كان يبحث عن الشهادة في مظانها، ففي كل غزوة يغزوها يقول في نفسه لعلي أنال الشهادة هنا، وظل هكذا متلهف شوقا لهذا اليوم الذي يلقى فيه الله عز وجل شهيدا في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقد تحقق أمل هذا الصحابي الجليل في الشهادة.
عندما جاءت حروب الردة التي كان فيها حاملا للواء الأنصار، وكانت الدولة الإسلامية فيها ضد مسيلمة الكذاب في عهد الخليفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والتي وصل فيها الأمر أن اقتحموا فسطاط خالد بن الوليد، وهمّوا بقتل زوجته أم تميم، وما أن شعر ثابت بن قيس بذلك حتى حنط وكفن نفسه، وبدأ يشحن المسلمين للقتال مرة أخرى بعد فتور العزيمة، والتي نتجت عن الضعف والوهن الذي دب بين صفوف المسلمين، فرجع المسلمون للقتال يقاتلون ويُقتلون حتى أراد الله أن يستشهد الصحابي الجليل في هذه الحرب، وهكذا كان الصحابى الجليل ولعل أبرز مناقب هذا الصحابي الجليل وأكبر دليل علي المكانة العالية التي حظي بها أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم.
قد بشره بأنه من أهل الجنة في حياته وما أعظمها جائزة وبل وتحقق أمله في الشهادة يوم الردة يوم نصر فيه الله الحق علي الباطل وأزهقه وقتل مسليمة الكذاب، في معركة الحديقة التي شكلت فصل النهاية في حرب الردة، وإن الصحابى ثابت بن قيس بن شماس هو الذي أتت زوجته جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول تشكوه، وتقول ” يا رسول الله لا أنا ولا ثابت بن قيس” فقال صلى الله عليه وسلم ” أتردين عليه حديقته؟” قالت نعم، فاختلعت منه، وكان ثابت من نجباء أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يشهد ثابت بدرا، ولكنه شهد أحدا وبيعة الرضوان، وكانت أمه هى السيدة هند الطائية، وقيل هى السيدة كبشة بنت واقد بن الإطنابة.
وقد أسلمت وكانت ذا عقل وافر، وكان إخوته لأمه، هو الصحابى عبد الله بن رواحة، والسيدة عمرة بنت رواحة، وقد تزوج ثابت بن قيس من جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، فولدت له محمدا، وتزوج أيضا من حبيبة بنت سهل، وإن كل إنسان يموت لا يمكن أن يوصي، إلا ثابت بن قيس، فقد أوصى بعدما مات، وهذه كرامة من الله تعالى له، ولنقرأ الآن كيف حدث ذلك لما كان يوم اليمامة، فقد خرج ثابت مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة، فلما التقوا، انكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة، فثبتا وقاتلا حتى قتلا، وكان على ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها.