الدكروري يكتب عن أصحاب الأخدود والأيكة والجنة ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري
أصحاب الأخدود والأيكة والجنة ” جزء 1″
إن قصة أصحاب الأخدود هي قصة قديمة حدثت منذ آلاف السنين، ومازالت تحكى للكبار والصغار حتى الآن لما لها من فوائد عظيمة، حيث يأخذ منها الناس الحكمة والموعظة الحسنة ويعتبرونها واحدة من أفضل القصص الرائعة، وإن السورة التي ذكرت فيها قصة أصحاب الأخدود هي سورة البروج، فقيل أنه في يوم من الأيام كان هناك ملك يعيش في قصره الكبير، وقد اشتهر هذا الملك بظلمه وجبروته وادعاءه الالوهية، حيث كان الملك يعتبر نفسه اله للجميع، وقد كان لديه ساحر عظيم كبير السن يستخدمه في العديد من الأمور التي ييسر له القيام بها باستخدام السحر، وعندما مرض هذا الساحر وتقدم في العمر خشى الملك أن يموت وتموت معه خبرته العظيمة في السحر، لذلك أمر الملك بإحضار غلام صغير يتعلم السحر على يد الساحر العظيم.
حتى يكون خليفته بعد ذلك ويصبح ساحر الملك، وبالفعل تم احضار غلام صغير ليتعلم السحر من الساحر العظيم، وقد كان هذا الغلام يذهب كل يوم إلى الساحر ليتعلم منه أمور السحر، وفي يوم من الأيام كان الغلام في طريقه إلى الساحر فقابل راهب كبير يجلس وحيدا فجلس معه واعجبه ما يقوله من كلمات حكيمة فقد كان هذا الراهب يعبد الله تعالى وحده لا شريك له فأيده الغلام واعجب به وآمن بالله تعالى وظل يذهب إليه ويجلس معه في كل مرة يذهب فيها إلى الساحر، وقد كان الساحر يضرب الغلام ويوبخه كلما أتى متأخرا عن موعده أو كلما لم يأتي إلى درس السحر، فاشتكى الغلام إلى الراهب فقال له الراهب إذا كنت تخشى الساحر قل له أن اهلك قد حبسوك في المنزل، أما إذا كنت تخشى اهلك فقل لهم أن الساحر هو من منعك من الرجوع مبكرا وحبسك لديه.
وفي يوم من الأيام كان الغلام في الطريق إلى الساحر فإذا به يجد حيوان ضخم قد سد الطريق على الناس، فقال الغلام يا رب إذا كنت تحب الراهب وإذا كان طريقه هو طريق الحق اقتل هذا الحيوان واجعل الناس تمر من هذا الطريق بسلام، ثم أخذ الغلام حجرا كبيرا ورمى به الحيوان فقتله ومر الناس بسلام، وحكى الغلام ما حدث للراهب فأخبره الراهب أنه اصبح ذو مكانة كبيرة عند الله تعالى وأنه سوف يمر بالكثير من الابتلاءات لأنه أصبح أفضل منه شخصيا، وطلب منه الراهب ألا يدل أحد عليه إذا قابل هذا الابتلاء حتى لا يسبب له الضرر، وقد كان هذا الغلام بفضل الله يقوم بشفاء الناس من الأمراض المختلفة ويدعو الله لهم بالرزق الوفير وبقضاء حاجاتهم المختلفة، وقد سمع عنه أحد اعوان الملك وقد كان أعمى البصر، فأخذ معه الكثير من الهدايا وذهب إلى الغلام.
وقال له إن اعدت إلي بصري سوف أعطيك كل هذه الهدايا القيمة، فقال له الغلام أنا لا أشفي أحد وإنما أقوم بذلك بفضل الله تعالى، فالله وحده هو القادر على كل شيء وهو الذي يجعلني أشفي الناس وأقضي حاجاتهم، فإذا أمنت بالله سوف أدعوه وأطلب منه أن يشفيك بأمره، وبالفعل آمن الرجل بالله سبحانه وتعالى فدعا الغلام الله وطلب منه أن يشفي هذا الرجل ويعيد إليه بصره، وبالفعل شفى الله الرجل واعاد إليه بصره، ثم عاد هذا الرجل إلى القصر وجلس بجانب الملك، فسأله الملك من أعاد إليك بصرك؟ فقال له الله تعالى هو من اعاد لي بصري، فقال له الملك هل لك اله غيري؟ فرد الرجل نعم الله تعالى هو ربي وربك ولا اله سواه، فأمر الملك جنوده أن يقوموا بتعذيبه، ومع شدة التعذيب اعترف الرجل على الغلام ودل عن مكانه، فأمر الملك بإحضار الغلام فورا.
وسأله قائلا أنت الآن ساحر عظيم تشفي الناس وتبرئ الأكمة وتقوم بالكثير من الأعمال الخارقة، فقال له الغلام نعم ولكنني أقوم بذلك بأمر الله سبحانه وتعالى، وحينها غضب الملك وأمر بتعذيب هذا الغلام، ومع شدة التعذيب دل الغلام على الراهب، فأمر الملك بإحضار الراهب وطلب منه أن يرجع عن دينه فرفض الراهب بشدة، فأحضر جنود الملك منشار كبير وقاموا بنشره إلى نصفين، ثم قاموا بإحضار جليس الملك وطلب منه الملك أن يرجع عن دينه وعندما رفض فعل به الجنود كما فعلوا مع الراهب، وهنا جاء دور الغلام الذي رفض أيضا الرجوع عن دينه، فأمر الملك بأخذه إلى اعلى قمم الجبال وتخييره بين القاءه من أعلى الجبل أو رجوعه عن دينه، وبالفعل أخذ الجنود الغلام وخيروه فوق قمة الجبل، فدعا الغلام الله أن ينقذه منهم فاهتز الجبل بشرة إلى أن سقط الجنود وماتوا جميعا إلا الغلام.