قصة كفاح الجيش المصري منذ عهد الفراعنة الي السيسي، حتي اصبح الجيش الاقوي علي مستوي العالم العربي والافريقي والشرق الاوسطي والثاني عشر علي مستوي العالم
بقلم : د . احمد ممدوح
قصة كفاح الجيش المصري منذ عهد الفراعنة الي السيسي
الجيش المصرى هو أقدم جيش عرفته البشرية وقد كان ذلك بعد توحيد الملك نعرمر لمصر حوالى عام ٣٢٠ق.م, فقبل ذلك العام كان لكل إقليم من الأقاليم المصرية جيش خاص به يحميه, ولكن بعد حرب التوحيد المصرية أصبح لمصر جيش موحد تحت إمرة ملك مصر, وقد كان الجيش المصرى أقوى جيش في العالم كله وبفضله أنشأ المصريون أول إمبراطورية في العالم، وقد كان ذلك هوالعصر المضئ للجيش المصرى. كان المصريون هم دائماً العنصر الأساسى في الجيش المصرى ولكن بعد إنشاء الإمبراطورية المصرية انضم في الجيش المصرى بعض العناصر النوبية والأمازيغية (خاصةً الليبية منها).
وقد كان الجيش المصرى يتكون من الجيش البرى ( المشاة والعربات التى تجرها الخيول والرماحين وجنود الحراب والأفرع الأخرى) والأسطول الذى كان يحمى سواحل مصر البحرية كلها إضافة إلى نهر النيل.
ومازلت بعض الخطط الحربية المصرية القديمة تُدَرَّس في أكاديميات العالم ومصر العسكرية.
وقد قدمت العسكرية المصرية القديمة الكثير من القواد العظماء وكان أنبغ هذه العقول العسكرية هوالإمبراطور (تحتمس الثالث) أول إمبراطور في التاريخ وهوالذى أنشأ الإمبراطورية المصرية وقد خاض الكثير من المعارك والحروب, أشهرها معركة مجدو التى مازالت تُدرَّس حتى اليوم.
ومنذ إحتلال الفرس لمصر لم يدخل المصريون الجيش مخافة ثورتهم على المحتلين إلا في عهد الدولة الإسلامية لأن الخلفاء أخذوا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا فتح الله عليكم مصر فإتخذوا فيها جنداً كثيرا فإنهم خير أجناد الأرض وهم في رباط إلى يوم الفيامة), وقد حرر الجيش المصرى مدينة القدس من أيدى الصليبيين في واحدة من المعارك التاريخية على مر العصور وبالإضافة إلى ذلك لعب الجيش المصرى الدور الأعظم في هزيمة المغول الذين دمروا الدولة الإسلامية العباسية وإمبراطورية الصين ودولة روسيا ودخلوا قارة أوروبا حتى وصلوا إلى بولندا في قلب أوروبا. ثم تأسس الجيش المصرى الحديث ابان حكم محمد علي باشا الذى يعتبر مؤسس مصر الحديثة حيث كون جيشا من المصريين لأول مرة بعد عصور طويلة ظل الجيش حكرا على غير المصريين وخاصة المماليك. حيث بدأ محمد على ببناء أول مدرسة حربية تقوم بإعداد الجنود والضباط على الطراز الحديث عام ١٨٢٠ م، بمدينة أسوان وقام بإنشاء الكثير من الترسانات لتمويل الجيش بأحدث المعدات كالبنادق والمدافع والبارود. واستعان محمد علي باشا بالقائد الفرنسى الشهير سليمان باشا الفرنساوى الذى اقام في مصر لتأسيس هذا الجيش الذى صار من اقوى جيوش العالم في فترة وجيزة.
ولكن تدهورت احوال الجيش المصري بعد الاتفاقية بين الدول الكبرى مثل بريطانيا و فرنسا والدولة العثمانية الا ان وقع تقليص للجيش المصرى وحجم مصر ومن ثم ظل التدهور في قطاع الجيش حتى ان اتى الاحتلال البريطانى لينهى على الجيش المصرى.
وجائت ثورة الضباط الاحرار المصرية والتى قامت بطرد الملك من البلاد وطالبت برحيل بريطانيا التى نفذت هذا بعد أربعة سنوات اواقل وتولى اعضائها الحكومة.
وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر بدأ يتحالف مع القوى الشرقية لاستيراد الاسلحة التى رفض الغرب امداده بها وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا، وبالفعل تم استيراد الاسلحة المطلوبة عن طريق تشيكوسلوفاكيا كوسيط بين مصر والاتحاد السوفيتى وكان الجيش في حالة إلى حد ما مقبولة لكن جائت حرب السويس واطلق عليها في مصر حينذ بأسم العدوان الثلاثى مما اضر بالجيش الناشىء.
ولقد أعدت مصر بعد هزيمة ٤٨ أضخم مشروع في تاريخها لإنتاج سلاحها محليا بموافقة بريطانية وأمريكية.
وجاء مسعى الجيش المصري عقب هزيمته، وجيوش دول عربية أخرى، في حربهم مع إسرائيل الوليدة عام ١٩٤٨م، والتي تحل الذكرى الثالثة والسبعون لبدايتها في ١٥ مايو/آيار.
و مشروع وزارة الحربية المصرية الضخم غير المسبوق شمل إنشاء مصانع لإنتاج الطائرات المقاتلة والذخيرة والأسلحة الصغيرة، وشراء عدد ضخم من الطائرات والمعدات وقطع الغيار لتحديث السلاح الجوي الملكي المصري.
ونتيجة لهزيمة الدول العربية في الحرب أمام الإسرائيليين، التي بدأت بعد يوم واحد من إعلان قيام دولتهم، وكانت أحد أسباب ثورة ٢٣يوليو/تموز عام ١٩٥٢م، في مصر.
وجاء مشروع التسليح المصري بعد أقل من ثلاثة شهور من انتهاء الحرب في فلسطين التي دخلها الجيش المصري بأسلحة باهظة الثمن غير مطابقة لمواصفات الجودة.
وكانت مصر، في عهد الملك فاروق، قد دخلت حرب ٤٨ بعد يومين فقط من موافقة برلمانها على المشاركة فيها، وقبل التأكد من توفر القدرات التسليحية اللازمة.
وفي ١٣ مايو/أيار شكلت الحكومة لجنة لتوفير احتياجات الجيش من الأسلحة بأسرع وقت ومن كل المصادر. ومُنحت اللجنة صلاحيات هائلة دون رقابة ملائمة لتوفير الأسلحة بأي طريقة في ظل قرار مجلس الأمن الدولي بحظر بيع الأسلحة للدول العربية وإسرائيل.
وشاب هذه الصفقات فساد لم يُكشف عنه إلا في عام ١٩٥٠م، فيما يعرف في تاريخ مصر الحديث باسم “فضيحة الأسلحة الفاسدة”.
وكانت الفضيحة، التي كشفتها الهزيمة العسكرية، أحد أسباب الثورة التي بدأها الجيش المصري في ٢٣ يوليو/تموز عام ١٩٥٢م، وغيرت نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري.
وبعد انتهاء الحرب في مارس/آذار ١٩٤٩م، طلبت الحكومة المصرية من بريطانيا تزويد جيشها بطائرات مقاتلة ومعدات وقطع غيار عسكرية أخرى.
ووفق تقرير “سري للغاية” أعدته إدارة الإنتاج الحربي المشترك في وزارة الدفاع البريطانية، فإن مصر قررت في شهر يوليو/تموز، إنشاء مصنع محلي لتصنيع الطائرات.
واستهدف المشروع أيضا “تصنيع محركات الطائرات”. وأبلغت الشركة وزارة الدفاع البريطانية بأنها تنوي تصنيع طائرات ومحركات من طراز بريطاني يُتفق عليه “وفق ترخيص” من الشركة التي سيقع عليها الاختيار.
وفيما يتعلق بإنتاح الأسلحة والذخيرة، انتهى تقرير وزارة الإمدادات العسكرية السري إلى أنه “لا يبدو أن هناك سببا يبرر ألا تكون مصر قادرة على إنتاج سلاح بطريقة متواضعة” في ظل عدم توفر ما يكفي من المستلزمات اللازمة للتصنيع.
واستمرت المشاورات، بين الأجهزة البريطانية، والمفاوضات مع مصر حتى بدأت ثورة ٢٣يوليو/ تموز التي فجرت العداء بين النظام المصري بزعامة جمال عبد الناصر والمملكة المتحدة.
واتت طامة حرب اسرائيل على مصر في خمسة يونيو١٩٦٧م، (نكسة يونيو) ودمر الجيش المصرى إلى حد كبير وسلاح الطيران كليا واحتلت شبه جزيرة سيناء من قبل اليهود
وفق المنتدى العربى للدفاع والتسليح، بدأ عبد الناصر فورًا عجلة العمل داخل القوات المسلحة المصرية، و”كان لسرعة الدعم العربى والسوفييتى (الأخير فى مجال التلسيح وإن كان قد بدا مقطرًا للغاية)، أثره الكبير فى تحقيق الصمود السياسى والعسكري.
كما كان هناك اهتمام خاص بإعداد المقاتل المصري، ربما لتعويض فارق التسليح بين قواتنا المسلحة والقوات المحتلة، فضلًا عن عدم السماح لعراقيل الحصول على السلاح المتطور أن تعوق أو تؤجل معركة النصر، وبالتالى كانت عقيدة وإيمان المقاتل المصرى فى إمكانية هزيمة إسرائيل هى السلاح الأهم والأبرز فى منظومة تحديث القوات.
واعتمدت إعادة البناء للمقاتل، أولاً، على البناء النفسى والمعنوي، من خلال إزالة الآثار الناجمة عن معاناة المقاتلين من جراء الهزيمة، ورفع معنوياتهم واستعادة ثقتهم بالنفس والقادة والسلاح، مع تسليح الفرد المقاتل بالعزم والإصرار وقوة الإيمان وبعدالة القضية، وسارت عملية بناء الفرد المقاتل على أساس الإيمان بأن الرجل، وليس السلاح، هو الذى يحقق النصر فى النهاية، حتى قامت مصر بتحريك العملية السياسية المتوقفة عندما قامت بشن حرب ٦ اكتوبر ١٩٧٣م، وحطمت خط بارليف واستولت على جميع نقاطه الحصينة وهزمت إسرائيل.
ومع إقرار معاهدة السلام واتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، فى العام ١٩٧٩م، وبدء المعونة العسكرية من واشنطن كأحد نتائجها، حول السادات دفة التسليح المصرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما حافظ عليه مبارك أيضًا.
وفى دراسة منشورة للواء أركان حرب حسام سويلم، عن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، فقد “شهد عقد الثمانينات ذروة المعونة الأمريكية التى بلغت ٢.١ مليار دولار منها ١.٣ مليار معونة عسكرية، و ٨٠٠ مليون دولار معونة اقتصادية، وعندما شرعت الولايات المتحدة ١٩٩٩م، فى تقليص برنامجها للمعونات، تقلصت المعونة الاقتصادية لتصبح ٣٥٠ مليون دولار، بينما بقيت المعونة العسكرية ثابتة تقريبا، ثم استمر تقديم المعونة العسكرية ١.٣ مليار دولار، وكان ترتيب مصر خامسا فى ميزانية المعونات الخارجية الأمريكية بمبلغ ١.٥٦٣ مليار دولار، وذلك طوال الفترة من عام ٢٠٠٢م، حتى عام ٢٠١٠م.
وكانت إدارة أوباما فى هذا العام قد اعتمدت سياسة أقل حدة بعد أن أشاد أوباما بدور مصر فى المنطقة ونص على منحها ١.٥٥ مليار دولار منها ١.٣ مساعدات عسكرية.
ولكن بعد قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م، أعلن عن إلغاء مناورة “النجم الساطع” فى ضوء التطورات والوضع الانتقالى الذى مرت به مصر فى هذه الثورة، وعندما اعتقلت السلطات المصرية ١٢ أمريكيا فى عام ٢٠١٢م، وعددا آخر من المصريين العاملين فى مكاتب المنظمات الحقوقية الأمريكية غير الحكومية فى مصر، أوقفت واشنطن تنفيذ صفقات الأسلحة المتعاقد عليها والمدفوع ثمنها وتشمل ١٢مقاتلة إف16، ١٢٥ دبابة ابرامز، ١٢ مروحية أباتشي، و٢٠ صاروخ هاربون، ١٢٥ مجموعة قطع غيار لأنظمة تسليح أمريكية تستخدمها القوات المصرية”.
وعمومًا، فإن مسألة وقف المناورات أو تجميد المساعدات تكرر من جانب واشنطن بعد إزاحة دولة الإخوان فى ٣٠يونيو ٢٠١٣م، ومن ثم مع انتخاب الرئيس السيسي، ثم بدأ الوضع فى عهده بالنسبة للقوات المسلحة المصرية يعتمد نحو تعديد مصادر التسليح حتى لا يصبح قاصرًا على الحليف الأمريكى فقط، فكان قرار التعاون فى هذا الشأن مع قوى كبرى كالصين وروسيا وألمانيا وفرنسا.
وخلال أقل من سنتين أبرمت القاهرة عددًا من الصفقات العسكرية مع باريس على سبيل المثال، بتكلفة تكاد تصل إلى ٩ مليارات دولار، فضلًا عن صفقات مماثلة مع الحليف الروسى بقيمة تقارب ٥ مليارات دولار أيضًا، تضمنت حاملات طائرات عملاقة كالميسترال، إضافة إلى الفرقاطات والزوارق واللنشات وسفن الدوريات والمروحيات البحرية، فضلاً عن العشرات من المقاتلات الرافال والميج وطراز “ka-52” المخصص لحاملات الطائرات، وأسلحة الدفاع الجوى المضاد للصواريخ والطائراتS-300 VM، ونظام الدفاع الجوى الروسى أس 300 إنتى 2500، وأنظمة الدفاع مضادة للدبابات، وأنظمة الدفاع الجوىS-300 S-400 و”بوك-M2E”، “تور-M2E”، والغواصات التى تعمل بالديزل والكهرباء من مشروع 636، وغيرها.
وفي بداية عام ٢٠٢٢م، تم تزويد الجيش المصري بعدة أسلحة قوية لم يتوقعها الكثير من الخبراء، وظهر البعض منهم خلال بعض العروض العسكرية، وأحدثهم كانت المقاتلة (ميغ 29)، بجانب بعض المروحيات المعروفة باسم (كاموف 52). ولم يقتصر الإمداد علي ذلك فقط، بل ظهرت مروحيات (مي_ 24) للمرة الأولي في هذا العام، وتعد من أحدث المروحيات المصنوعة بروسيا لاحتوائها على أنظمة اتصالات متطورة بجانب قدرتها على قياس المسافات عن طريق جهاز الليزر، مما يساهم في سرعة رصد مكان العدو.
ويمتلك الجيش المصري بعض الأسلحة القوية التي لم يتم الإفصاح عنها حتى وقتنا هذا، ولكن يتوقع البعض أن القوات المسلحة قد حصلت على صفقة قوية تضم عدة أسلحة فتاكة لحفظ الأمن الوطني, كما أكدت بعض المصادر العسكرية أن مصر تسعي لشراء أسلحة عسكرية من دول متعددة، لمنع تحكم أي دولة في شؤونها الحربية.
والقوات المسلحة حاليًا تعتمد كذلك سياسة المشاركة الفعالة فى التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، كما حدث فى مناورة رعد الشمال بالمملكة العربية السعودية وغيرها على المستوى البحرى مع اليونان وفرنسا وروسيا، فضلًا عن التدريبات المشتركة مع الإمارات.
ولقد نشر الموقع العالمي جلوبال فايرز، المختص ببحث ترتيب القوى العسكرية وأقوى الجيوش لمنطقة الشرق الأوسط لعام ٢٠٢٢م، من الأقوى إلى الأضعف، ووفقا للترتيب احتلت مصر المركز الأول في الشرق الأوسط متفوقا على تركيا وإيران وإسرائيل.
وجائت مصر في المركز الثاني عشر على مستوي العالم في قائمة الدول التي تمتلك أكثر الجيوش قوة، كأول الدول العربية والأفريقية وفق التصنيف.