عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 3″

الدكروري يكتب عن عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عماد المجتمع ونواتة الصلبة ” جزء 3″

ونكمل الجزء الثالث مع عماد المجتمع ونواتة الصلبة، ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم، قام يخطب الناس على المنبر فلما انتصف في الخطبة جاء الحسن وعمره ما يقارب خمس سنوات، وعنده ثوب طويل مسبل وهو طفل لم يبلغ التكليف، فكان يعثر في ثوبه في المسجد بين الصفوف، يقوم إذا عثر ثم يمشي قليلا ثم يعثر على وجهه فانشغل صلى الله عليه وسلم، به عن الخطبة، فترك الخطبة ونزل واحتضنه وقبله وحمله على كتفيه حتى صعد به على المنبر ثم وضعه في جانبه، ثم التفت إلى طفله الحسن وقال “إن ابني هذا سيد، أي إنه بطل من السادات، إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين تقتتلان من المسلمين” وقيل أنه قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي.

وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال “مَن لا يَرحم لا يُرحم” ولذلك قال العرب لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا، وأيضا فإن أول مسؤوليات الإنسان هي مسؤوليته عن نفسه، ومن ثم فحري به أن يعنى بتربيتها وإصلاحها، وعندما نتحدث عن التربية الذاتية أو عن دور الشاب في تربية نفسه فإننا نقصد بها ذلك الجهد الذي يبذله الشاب من خلال أعماله الفردية، أو من خلال تفاعله مع برامج عامة وجماعية لتربية نفسه فهي تتمثل في شقين، فالأول هو جهد فردي بحت يبذله الشاب لنفسه، والثاني وهو جهد فردي يبذله من خلال تفاعله مع برامج عامة، وعندما نطالب الشاب بأن يدرك مسؤوليته عن تربية نفسه.

ونطالب الشاب بأن يقوم بجهد في تربية نفسه، فإننا نقول لكل شاب، بل نقول لكل مسلم صغيرا كان أم كبيرا، ذكرا كان أم أنثى لابد أن تتحمل مسؤوليتك في تربية نفسك، فالذي يدفعنا لذلك مبررات عدة، منها هو مبدأ المسؤولية الفردية فإن المسلم بل كل إنسان في هذه الحياة مسؤول مسؤولية فردية فيقول الله تعالي “ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى” ويقول سبحانه وتعالي “كل نفس بما كسبت رهينة” فإنك حين تقرأ في نصوص القرآن الكريم أو في نصوص السنة النبوية الشريفة تجد التأكيد الواضح على أن كل فرد مسؤول مسؤولية خاصة عن نفسه، حتى ذاك الفرد يتعرض إلى الإضلال والغواية من خلال الضغط الذي يمارسه عليه غيره، سواء أكان ضغطا نفسيا أم ضغطا اجتماعيا، أيا كان مصدر هذا الضغط.

لا يعفيه ذلك من المسؤولية، ونقرأ في القرآن الكريم في آيات عدة نماذج من الحوار الذي يدور يوم القيامة بين الذين اتبعوا وبين الذين اتبعوا، أو بين الذين استضعفوا والذين استكبروا، فيأتي المستضعفون يطالبون أولئك المستكبرين الذين كانوا سببا في إضلالهم وغوايتهم أن يتحملوا عنهم جزءا من العذاب فيقول تعالي ” وقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص” ويقول عز وجل علي لسان حالهم “ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان له من الوزر مثل أوزار من تبعه غير أنه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا”

وفي الحديث الآخر “ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا” فهذا فلان من الناس اتبع زميله أو صديقه أو أباه، وسار وراءه وأصبح ظلا له، حتى قاده إلى طريق الضلالة والانحراف سيأتي يوم القيامة هذا الذي أضله يحمل وزر نفسه ووزر هذا الذي أضله فيقول تعالي ” ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون” ولكن هذا المستضعف لن يعفيه ذلك من المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، ولن يغنيه أن يتلفت يمنة ويسرة، تارة يطالب صاحبه الذي أضله، وتارة يرجو منه أن يتحمل عنه جزءاً من العذاب فيقول تعالي ” إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار” ومع ذلك لا يعفيه من العذاب، أليس هذا وحده دال على المسؤولية الفردية للإنسان.